وأَظْلَمَتِ الْأَرْضُ (١) عَلَيْهِمْ فَدَعَا أَحْبَارًا كَانُوا مَعَهَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فسألهم فَقَالُوا: هَلْ هَمَمْتَ لِهَذَا الْبَيْتِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَهْدِمَهُ. قَالُوا:
فَانْوِ لَهُ خَيْرًا أَنْ تَكْسُوَهُ، وتَنْحَرَ عِنْدَهُ فَفَعَلَ فَانْجَلَتْ عَنْهُمُ الظُّلْمَةُ وإِنَّمَا سُمِّيَ الدُّفَّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالدُّفِّ مِنْ جُمْدَانَ بَيْنَ أَمَجَ وعُسْفَانَ دَفَّتْ بِهِمُ الْأَرْضُ وغَشِيَتْهُمْ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ ورِيحٌ، فَدَعَا أَحْبَارًا كَانُوا مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: هَلْ هَمَمْتَ لِهَذَا الْبَيْتِ بِسُوءٍ؟ (٢) فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا قَالَ لَهُ الْهُذَلِيُّونَ وبِمَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ فَقَالَتِ (٣) الْأَحْبَارُ: واللَّهِ مَا أَرَادُوا إِلَّا هَلَاكَكَ وهَلَاكَ قَوْمِكَ إِنَّ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ ولَمْ يُرِدْهُ أَحَدٌ (٤) قَطُّ بِسُوءٍ إِلَّا هَلَكَ. قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ قَالُوا: تَنْوِي لَهُ خَيْرًا أَنْ تُعَظِّمَهُ وتَكْسُوَهُ وتَنْحَرَ عِنْدَهُ وتُحْسِنَ إِلَى أَهْلِهِ فَفَعَلَ فَانْجَلَتْ (٥) عَنْهُمُ الظُّلْمَةُ وسَكَنَتِ الرِّيحُ وانْطَلَقَتْ بِهِمْ رِكَابُهُمْ وَدَوَابُّهُمْ، فَأَمَرَ تُبَّعٌ بِالْهُذَلِيِّينَ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ وَصَلَبَهُمْ، وَإِنَّمَا كَانُوا فَعَلُوا ذَلِكَ حَسَدًا لِقُرَيْشٍ عَلَى وِلَايَتِهِمُ الْبَيْتَ، ثُمَّ سَارَ تُبَّعٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَكَانَتْ (٦) سِلَاحَهُ بِقُعَيْقِعَانَ فَيُقَالُ: فَبِذَلِكَ سُمِّيَ قُعَيْقِعَانَ وَكَانَتْ خَيْلُهُ بِأَجْيَادٍ وَيُقَالُ:
إِنَّمَا سُمِّيَتْ أَجْيَادٌ. أَجْيَادًا. بِجِيَادِ خَيْلِ تُبَّعٍ؛ وكَانَتْ مَطَابِخُهُ فِي الشِّعْبِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: شِعْبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ الشِّعْبُ الْمَطَابِخَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ أَيَّامًا يَنْحَرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ بَدَنَةٍ لَا يَرْزَأُ هُوَ ولَا أَحَدٌ مِمَّنْ فِي عَسْكَرِهِ مِنْهَا شَيْئًا يَرِدُهَا النَّاسُ فَيَأْخُذُونَ مِنْهَا حَاجَتَهُمْ، ثُمَّ تَقَعُ الطَّيْرُ فَتَأْكُلُ، ثُمَّ تَنْتَابُهَا السِّبَاعُ إِذَا أَمْسَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا (٧) شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِنْسَانٌ ولَا طَائِرٌ ولَا
(١) كذا فِي ب، د. وفِي ا، ج «الارض» ساقطة.(٢) كذا فِي جميع الأصول وهامش ب. وفِي ب «بسيء».(٣) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «فقال».(٤) كذا فِي جميع الأصول وفِي ب «احد» ساقطة.(٥) كذا فِي جميع الأصول. وفِي د «فانحلت».(٦) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «فكان».(٧) كذا فِي د. وفِي ا، ج «لا يصدعها» وفِي ب «لا يردغها».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute