يَسْقِي لَبَنَهَا بِالْعَسَلِ فِي حَوْضٍ مِنْ أَدَمٍ عِنْدَ زَمْزَمَ ويَشْتَرِي الزَّبِيبَ فينبذه بِمَاءِ زَمْزَمَ ويَسْقِيهِ الْحَاجَّ لِأَنْ (١) يَكْسِرَ غِلَظَ مَاءِ زَمْزَمَ وكَانَتْ إِذْ ذَاكَ غَلِيظَةً جِدًّا، وكَانَ النَّاسُ إِذْ ذَاكَ لَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ أَسْقِيَةٌ يَسْقُونَ (٢) فِيهَا الْمَاءَ مِنْ هَذِهِ الْبِيَارَ ثُمَّ يَنْبِذُونَ فِيهَا الْقَبَضَاتِ مِنَ الزَّبِيبِ والتَّمْرِ لِأَنْ يَكْسِرَ عَنْهُمْ غِلَظَ مَاءِ آبَارِ مَكَّةَ وكَانَ الْمَاءُ الْعَذْبُ بِمَكَّةَ عَزِيزًا لَا يُوجَدُ إِلَّا لِإِنْسَانٍ يُسْتَعْذَبُ لَهُ مِنْ بِئْرِ مَيْمُونٍ وخَارِجَ من مَكَّةَ، فَلَبِثَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَسْقِي النَّاسَ حَتَّى تُوُفِّيَ. فَقَامَ بِأَمْرِ السِّقَايَةِ بَعْدَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ تَزَلْ فِي يَدِهِ وكَانَ لِلْعَبَّاسِ كَرْمٌ بِالطَّائِفِ وكَانَ يَحْمِلُ زَبِيبَهُ إِلَيْهَا وكَانَ يُدَايِنُ أَهْلَ الطَّائِفِ ويَقْتَضِي (٣) مِنْهُمُ الزَّبِيبَ فَيَنْبِذُ ذَلِكَ كُلَّهُ ويَسْقِيهِ الْحَاجَّ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ حَتَّى يَنْقَضِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وصَدْرِ الْإِسْلَامِ حَتَّى دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَبَضَ السِّقَايَةَ مِنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (٤) والْحِجَابَةَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَبَسَطَ يَدَهُ وقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي اجْمَعْ لَنَا (٥) الْحِجَابَةَ والسِّقَايَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُعْطِيكُمْ مَا تُرْزَءُونَ فِيهِ ولَا تُرْزَءُونَ مِنْهُ. فَقَامَ بَيْنَ عِضَادَتَيْ بَابِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَأْثَرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا سِقَايَةَ الْحَاجِّ، وسِدَانَةَ الْكَعْبَةِ فَإِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُهُمَا لِأَهْلِهِمَا عَلَى مَا كَانَتَا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَبَضَهَا الْعَبَّاسُ فَكَانَتْ فِي يَدِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ فَوَلِيَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَكَانَ يَفْعَلُ فِيهَا كَفِعْلِهِ دُونَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ قَدْ كَلَّمَ فِيهَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكَ ولَهَا نَحْنُ أَوْلَى بِهَا مِنْكَ (٦)
(١) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «لا يكسر».(٢) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «يسقون» ساقطة.(٣) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «ويقبض».(٤) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «العباس بن عبد المطلب» ساقطة.(٥) كذا فِي ا، ج «وهامش ب. وفِي ب، د «لي».(٦) كذا فِي ب، د. وفِي ا، ج «منك» ساقطة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute