فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنَا الحجابة مَعَ السِّقَايَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها﴾ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ﵁ فَمَا سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ الله ﷺ قَبْلَ تِلْكَ السَّاعَةِ فَتَلَاهَا ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وقَالَ غَيِّبُوهُ ثُمَّ قَالَ: خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ بِأَمَانَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، واعْمَلُوا فِيهَا بِالْمَعْرُوفِ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْ أَيْدِيكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ. فَخَرَجَ عُثْمَانُ ابن طَلْحَةَ إِلَى هِجْرَتِهِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وأَقَامَ ابْنُ عَمِّهِ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فَلَمْ يَزَلْ يَحْجُبُ هُوَ ووَلَدُهُ، ووَلَدُ أَخِيهِ وَهْبِ بْنِ عُثْمَانَ حَتَّى قَدِمَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ووَلَدُ مُسَافِعِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنَ الْمَدِينَةِ وكَانُوا بِهَا دَهْرًا طَوِيلًا فَلَمَّا قَدِمُوا حَجَبُوا مَعَ بَنِي عَمِّهِمْ فَوَلَدُ أَبِي طَلْحَةَ جَمِيعًا يَحْجُبُونَ، وأَمَّا اللِّوَاءُ فَكَانَ فِي أَيْدِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ كُلِّهِمْ يَلِيهِ مِنْهُمْ ذَوُو السِّنِّ والشَّرَفِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ فَقُتِلَ عَلَيْهِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وأَمَّا السِّقَايَةُ، والرِّفَادَةُ، والْقِيَادَةُ فَلَمْ تَزَلْ لِعَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ يَقُومُ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ فَوَلِيَ بَعْدَهُ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ السِّقَايَةَ، والرِّفَادَةَ ووَلِيَ عَبْدُ شَمْسِ ابن عَبْدِ مَنَافٍ الْقِيَادَةَ وكَانَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ يُطْعِمُ النَّاسَ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ بِمَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنْ تَرَافُدِ قُرَيْشٍ كَانَ يَشْتَرِي بِمَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ دَقِيقًا ويَأْخُذُ مِنْ كُلِّ ذَبِيحَةٍ مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ فَخِذَهَا فَيَجْمَعُ (١) ذَلِكَ كُلَّهُ ثُمَّ يُحْزِرُ بِهِ الدَّقِيقَ ويُطْعِمُهُ الْحَاجَّ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ حَتَّى أَصَابَ النَّاسَ فِي سَنَةٍ جَدْبٌ شَدِيدٌ فَخَرَجَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ إِلَى الشَّامِ فَاشْتَرَى بِمَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْ مَالِهِ دَقِيقًا، وكَعْكًا فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فِي الْمَوْسِمِ فَهَشَمَ ذَلِكَ الْكَعْكَ ونَحَرَ الْجَزُورَ (٢) وطَبَخَهُ وجَعَلَهُ ثَرِيدًا وأَطْعَمَ النَّاسَ وكَانُوا فِي مَجَاعَةٍ شَدِيدَةٍ حَتَّى أَشْبَعَهُمْ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ هَاشِمًا وكَانَ اسْمُهُ عمرو فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ ابْنُ الزِّبَعْرَى السهمي:
(١) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «فيجتمع».(٢) كذا فِي ب، د. وفِي ا، ج «الجزر».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute