وعَدُّوا الْقَتْلَى فَكَانَتْ فِي خُزَاعَةَ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي قُرَيْشٍ وقُضَاعَةَ وكِنَانَةَ وليس كُلُّ بَنِي كِنَانَةَ قَاتَلَ مَعَ قُصَيٍّ (١) إِنَّمَا كَانَتْ مَعَ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قَبَائِلُ يَسِيرَةٌ (٢) واعْتَزَلَتْ عَنْهَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ مَنَاةَ قَاطِبَةً، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ قَامَ يَعْمَرُ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: أَلَا إِنِّي قَدْ شَدَخْتُ مَا كَانَ بَيْنَكُمْ مِنْ دَمٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ فَلَا تِبَاعَةَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فِي دَمٍ وإِنِّي قَدْ حَكَمْتُ لِقُصَيٍّ بِحِجَابَةِ الْكَعْبَةِ ووِلَايَةِ أَمْرِ مَكَّةَ دُونَ خُزَاعَةَ لِمَا جَعَلَ لَهُ حَلِيلٌ وأَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُ وبَيْنَ ذَلِكَ وأَنْ لَا تَخْرُجَ خُزَاعَةُ عَنْ مَسَاكِنِهَا مِنْ مَكَّةَ؛ قَالَ: فَسُمِّيَ يَعْمَرُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ الشَّدَّاخَ فَسَلَّمَتْ ذَلِكَ خُزَاعَةُ لِقُصَيٍّ وعَظَّمُوا سَفْكَ الدِّمَاءِ فِي الْحَرَمِ وافْتَرَقَ النَّاسُ فَوَلِيَ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ حِجَابَةَ الْكَعْبَةِ وأَمْرَ مَكَّةَ وجَمَعَ قَوْمَهُ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ مَنَازِلِهِمْ إِلَى مَكَّةَ يَسْتَعِزُّ بِهِمْ وتَمَلَّكَ عَلَى قَوْمِهِ فَمَلَّكُوهُ، وخُزَاعَةُ مُقِيمَةٌ بِمَكَّةَ عَلَى رِبَاعِهِمْ وسَكَنَاتِهِمْ لَمْ يُحَرِّكُوا ولَمْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى الْآنَ، وقَالَ قُصَيٌّ (٣): فِي ذَلِكَ وهُوَ يَتَشَكَّرُ لِأَخِيهِ رَزَاحِ بْنِ رَبِيعَةَ:
أَنَا ابْنُ الْعَاصِمَيْنِ بَنِي لُؤَيٍّ … بِمَكَّةَ مَوْلِدِي وبِهَا رَبِيتُ
وَلِي الْبَطْحَاءُ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ … ومَرْوَتُهَا رَضِيتُ بِهَا رَضِيتُ
وفِيهَا كَانَتِ الْآبَاءُ قَبْلِي … فَمَا شُوِيَتْ أُخَيَّ ولَا شُوِيتُ
فَلَسْتُ لِغَالِبٍ إِنْ لَمْ تَأَثَّلْ … بِهَا أَوْلَادُ قَيْدَرَ والنَّبِيتُ
رَزَاحٌ نَاصِرِي وبِهِ أُسَامِي … فَلَسْتُ أَخَافُ ضَيْمًا مَا حَيِيتُ
فَكَانَ قُصَيٌّ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ أَصَابَ مُلْكًا، وأَطَاعَ لَهُ بِهِ قَوْمُهُ فَكَانَتْ إِلَيْهِ الْحِجَابَةُ، والرِّفَادَةُ والسِّقَايَةُ، والنَّدْوَةُ، واللِّوَاءُ، والْقِيَادَةُ فَلَمَّا جَمَعَ قُصَيٌّ قُرَيْشًا بِمَكَّةَ سُمِّيَ مُجَمِّعًا وفِي ذَلِكَ يَقُولُ حُذَافَةُ بْنُ غَانِمٍ الْجُمَحِيُّ يمدحه:
(١) كذا فِي ا، ج. وفِي ب، د «مع قصي خزاعة إنما».(٢) كذا فِي ب. وفِي جميع الأصول «قلال يسير».(٣) كذا فِي جميع الأصول. وفِي ب «قصي بن كلاب».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute