وقد انتقد ابن الصلاح (ت - ٦٤٢هـ) رحمه الله ابن عبد البر (ت - ٤٦٣هـ) رحمه الله إيراده ما شجر بين الصحابة، فحين أثنى على كتابه (الاستيعاب) قال بعد ذلك: (لولا ما شانه به من إيراده كثيراً مما شجر بين الصحابة)(١) .
وقال الإمام الذهبي (ت - ٧٤٨هـ) رحمه الله: (تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين -، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا: فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه، لتصفو القلوب، وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة، وآحاد العلماء)(٢) .
ثم جعل شروطاً لجواز الاطلاع على هذه الأمور، والبحث فيها بقوله:(وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوةً: للعالم المنصف، العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله - تعالى - حيث يقول {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا}[الحشر: ١٠] ، فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم، وجهاد محّاء، وعبادة ممحصة)(٣) .
ومن الإيمان بالصحابة: الإقرار بمنزلة أهل بيت الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وفيهم أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وأن لهم مكانة خاصة بحكم قربهم منه صلّى الله عليه وسلّم (٤) .
(١) مقدمة ابن الصلاح ص١٤٥. (٢) سير أعلام النبلاء ١٠/٩٢. (٣) سير أعلام النبلاء ١٠/٩٢، وانظر: الآثار في التحذير من الخوض في هذا الأمر: السنة للخلال ٣/٥٠١ - ٥١٦، شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي ٧/١٢٤٦ - ١٢٧٠، وانظر: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام لناصر الشيخ ٢/٧٠٠ - ٨٧٩. (٤) انظر: الخلاف في تحديد المراد بآل بيت الرسول صلّى الله عليه وسلّم في منهاج السنة النبوية لابن تيمية ٤/٥٩٥، ٧/٧٥، مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٢/٤٦٠ - ٤٦٢، الفتاوى الكبرى ١/١٩٤، جلاء الأفهام لابن القيم ص١١٤.