وبالجملة؛ فإن سؤال الخلق فيه ثلاث مفاسد، ويجتمع فيه أنواع الظلم الثلاثة:
فالمفسدة الأولى: مفسدة الافتقار إلى غير الله، وهي من نوع الشرك.
والثانية: مفسدة إيذاء المسؤول، وهي من نوع ظلم الخلق.
وأما الثالثة: فهي مفسدة الذل لغير الله، وهو ظلم النفس (١) .
وأما من دعا المخلوقين من دون الله فقد أشرك (٢) ، ولا يوجد نص عن نبي أنه أمر بدعاء الملائكة، ولا بدعاء الموتى من الأنبياء والصالحين، فضلاً عن دعاء تماثيلهم، فإن هذا من أصول الشرك. الذي نبهت عليه الرسل (٣) .
وقد أمر الله بدعائه وحده - سبحانه - فقال:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر: ٦٠] .
وقال عزّ وجل:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأحقاف: ٥] .
ولا يجوز صرف الدعاء إلا لله؛ لأن الدعاء عبادة يصحبها محبة، ورغبة، وخضوع للمدعو، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«الدعاء هو العبادة»(٤) .
(١) انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص٦٦، قاعدة عظيمة له ص٧٨، الرد على البكري له ص١٠٣. (٢) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ٤/٤٦٢، وانظر: الفصل الحاسم للقصيمي ص٩٠ - ١٠١، والمقصود بالدعاء أي دعاء الأموات والغائبين كما تدل عليه الأمثلة والأدلة كما سيأتي بيانه. (٣) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ٥/٧٤. (٤) الحديث أخرجه الترمذي في سننه ٥/٤٥٦ كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه في سننه ٢/١٢٥٨ كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، وصححه الألباني في صحيح الجامع ١/٦٤١.