تشتهر، ولما ذكر البخاري (ت - ٢٥٦هـ) رحمه الله زيارة القبور احتج بحديث المرأة التي بكت عند القبر.
ومنهم من لا يستحبها، ومنهم من يكرهها مطلقاً، كما نقل عن النخعي (١) ،
والشعبي (ت - ١٠٤هـ) وابن سيرين (٢) ، وهؤلاء من أجلة التابعين.
ونقل ابن بطال (٣) عن الشعبي (ت - ١٠٤هـ) أنه قال: (لولا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن زيارة القبور لزرت قبر ابني)(٤) .
وقال النخعي (ت - ٩٦هـ) رحمه الله (كانوا يكرهون زيارة القبور)(٥) .
ولا خلاف بين المسلمين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد نهى عن زيارة القبور، وقيل في سبب ذلك: لأن ذلك يفضي إلى الشرك، وقيل: لأجل النياحة عندها، وقيل: لأنهم كانوا يتفاخرون بها، كما ذكر طائفة من العلماء في قول الله عزّ وجل:{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}[التكاثر: ١ - ٢] أنهم كانوا يتكاثرون بقبور الموتى (٦) .
(١) النخعي: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران، من مذحج، من أكابر التابعين صلاحاً، وصدق رواية، وحفظاً للحديث، فقيه العراق، كان إماماً مجتهداً، ت سنة ٩٦هـ.
انظر في ترجمته: التاريخ الكبير للبخاري ١/٣٣٣، الطبقات الكبرى لابن سعد ٦/٢٧٩. (٢) ابن سيرين: محمد بن سيرين البصري الأنصاري بالولاء، أبو بكر، إمام وقته في علوم الشريعة، تابعي جليل، في أذنه صمم، اشتهر بالورع وبتأويل الرؤيا، ت سنة ١١٠هـ. انظر في ترجمته: حلية الأولياء لأبي نعيم ٢/٢٦٣، وفيات الأعيان لابن خلكان ٣/٣٢١. (٣) ابن بطال: علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي، أبو الحسن، عالم بالحديث، من أهل قرطبة، له شرح صحيح البخاري، ويعرف بابن اللحام، الإمام الحافظ المحدث، ت سنة ٤٤٩هـ. انظر في ترجمته: سير أعلام النبلاء للذهبي ١٨/٤٧، شجرة النور الزكية لمخلوف ص١١٥. (٤) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ٤/٣٤٥ كتاب الجنائز، وفيه (لزرت قبر ابنتي) . (٥) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ٤/٣٤٥ كتاب الجنائز. (٦) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٢٠/١٦٨ - ١٦٩، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٧/٣٦٠.