١ - أن قولهم: المراد الفضيلة التامة ... إلخ، فإن هذا خلاف ظاهر الحديث ولا دليل عليه، وأما لفظ (لا ينبغي) ؛ في رواية أحمد (ت - ٢٤١هـ) فهو خلاف أكثر الروايات، فقد وقع في عامة الروايات (لا تشد) وهو ظاهر في التحريم.
وأما قولهم: إن لفظة (لا ينبغي) ظاهر في غير التحريم فهو ممنوع، كما بين ابن القيم (ت - ٧٥١هـ) رحمه الله أن المطرد في كلام الله وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم استعمال لفظ (لا ينبغي) في المحظور شرعاً وقدراً، وفي المستحيل الممتنع كقوله تعالى:{وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً}[مريم: ٩٢] ، وقوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ}[يس: ٦٩] ، وقوله سبحانه:{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ}[الشعراء: ٢١٠ - ٢١١] ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم:«إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام»(١) وغيرها من النصوص (٢) .
٢ - أن قولهم: إن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه ... إلخ، أو من قال: إن المراد قصدها بالاعتكاف، كما حكاه ابن حجر (ت - ٨٥٢هـ) رحمه الله عن الخطابي (ت - ٣٨٨هـ) رحمه الله (٣) فالجواب عنهما: أن ذلك تخصيص بلا دليل.
٣ - أما قولهم: إن المراد من المساجد فقط دون القبور، أو زيارة الصالحين للتبرك بهم ... إلخ.
فهذا غير مسلّم، بل ظاهر الحديث العموم، وأن المراد: لا تشد الرحال إلى موضع إلا إلى ثلاثة مساجد، فإن الاستثناء مفرغ، والمستثنى منه في المفرغ يقدر بأعم العام.
(١) سبق تخريجه ص٢٤٤ - ٢٤٥. (٢) انظر: إعلام الموقعين لابن القيم ١/٤٣. (٣) انظر: فتح الباري لابن حجر ٣/٦٥، وقال عن القول الثاني: (لم أر عليه دليلاً) .