وحكى عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: إني لأسير بين مكة والمدينة في سحر ليلة مقمرة، إذ سمعت قائلا يقول:
ليبكِ على الإسلام من كان باكياً … فقد أوشكوا هلكاً وما قدم العهد
وقد ولَّت الدنيا وأدبر خيرها … وقد ملَّها من كان يؤمن بالوعد
وطلب الرجل فلم يوجد. فقلت: إني لخائفة أن يكون هذا لحدث! فلم يكن إلا أياماً حتى قتل عمر رضي الله عنه (١).
ومنهم:
[سالم بن دارة]
أحد بني عبد الله بن غطفان، وكان هجا رجلاً من بني فزارة يقال له زميل بن وبير (٢)، وهو ابن أم دينار، فقال في قصيدة له طويلة:
آلي ابنُ دارةَ جهداً لا يصالحكم … حتى ينيكَ زميلٌ أمَّ دينارِ
ثم إن ابن دارة لقي بعد ذلك زميلاً بالداءة (٣) فقال: يا زميل، ألا تفعل بأمك حتى أصالح قومي؟! فقال له زميل: معذرة إلى الله ثم إليك، إنه ليس معي ولا في رحلي إلا مخيط أشد به على وكائي. ثم لقيه مرة أخرى بشراف (٤)، فقال له
(١) في الرياض النضرة ٢: ٧٩: «عن معروف الموصلي قال: لما أصيب عمر سمع صوت: ليبك على الإسلام … » البيتين. وأسند إلى عائشة خبرا آخر، قالت: ناحت الجن على عمر قبل أن يموت بثلاث فقالت: أبعد قتيل بالمدينة أظلمت … له الأرض تهتز العضاه بأسؤق وثلاثة أبيات بعده. وانظر الحماسة ١٠٩١ بشرح المرزوقي إذ نسب الشعر إلى الشماخ. وكذا ما كتبت في حواشيها. (٢) في النسختين: «زبير» تحريف. وانظر المؤتلف ١٢٩ والخزانة ١: ٢٩٣/ ٤: ٥٦١. وفي الإصابة ٢٩٧٣ «دبير». ويقال فيه أيضا «أبير»، وهو الأشهر. (٣) داءة: موضع قريب من مكة. وفي النسختين: «الدامة» تحريف. (٤) شراف: موضع من أعمال المدينة.