وفي " الصحيحين "(٣) عن عمرو بن العاص سمع النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول:«إذا حكمَ الحاكمُ، فاجتهد، ثم أصابَ، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ، فله أجر».
وقال الحسن: لولا ما ذَكَر الله من أمر هذين الرجلين - يعني: داود وسليمان - لرأيت أنَّ القُضاةَ قد هلكوا، فإنَّه أثنى على هذا بعلمه، وعَذَرَ هذا باجتهاده (٤): يعني: قوله: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ
الْقَوْمِ} (٥) الآية.
وأما الإكراه فصرَّح القرآن أيضاً بالتجاوز عنه، قال تعالى:{مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ}(٦)، وقال تعالى:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}(٧) الآية.
ونحن نتكلم إنْ شاء الله في هذا الحديث في فصلين: أحدهما في حكم الخطأ والنسيان، والثاني في حكم الإكراه.
(١) البقرة: ٢٨٦. (٢) الأحزاب: ٥. (٣) البخاري ٩/ ١٣٢ (٧٣٥٢)، ومسلم ٥/ ١٣١ (١٧١٦) (١٥) و ١٣٢ (١٧١٦) (١٥). وأخرجه: أحمد ٤/ ١٩٨ و ٢٠٤، وأبو داود (٣٥٧٤)، وابن ماجه (٢٣١٤)، والنسائي في " الكبرى " (٥٩١٨) و (٥٩١٩)، وابن حبان (٥٠٦١). (٤) أخرجه: ابن حجر في " تغليق التعليق " ٥/ ٢٩١ - ٢٩٢. وقد ذكره البخاري ٩/ ٨٤ معلقاً. (٥) الأنبياء: ٧٨. (٦) النحل: ١٠٦. (٧) آل عمران: ٢٨.