قالت: وجعل يقول: «لا إله إلا الله إنَّ للموت لسكراتٍ»(١). وجاء في حديث مرسل أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:«اللهمَّ إنَّك تأخذُ الروحَ من بين العَصَب والقصب والأنامل، اللهمَّ فأعنِّي على الموت وهوِّنه عليَّ»(٢).
وقد كان بعضُ السَّلف يَستَحِبُّ أنْ يُجْهَدَ عند الموت، كما قال عمر بن
عبد العزيز: ما أحبُّ أنْ تُهَوَّنَ عليَّ سكراتُ الموت، إنَّه لآخر ما يُكفر به عن المؤمن (٣). وقال النَّخعي: كانوا يستحبون أنْ يجهدوا عند الموت (٤).
وكان بعضهم يخشى من تشديد الموت أنْ يُفتن، وإذا أراد الله أنْ يهوِّن على
العبد الموت هوَّنه عليه. وفي " الصحيح "(٥) عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:«إنَّ المؤمنَ إذا حضره الموتُ، بُشِّرَ برضوان الله وكرامته، فليس شيءٌ أحبَّ إليه مما أمامه، فأحبَّ لقاءَ الله، وأحبَّ
الله لقاءه».
قال ابنُ مسعود:«إذا جاء ملكُ الموت يَقبِضُ روحَ المؤمن، قال له: إنَّ ربَّكَ يُقرِئُكَ السَّلام»(٦).
وقال محمَّد بن كعب: يقول له ملَكُ الموت: السلامُ عليك يا وليَّ الله، الله يقرأ عليك السلام، ثم تلا:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ
عَلَيْكُمُ} (٧)(٨).
وقال زيد بن أسلم: تأتي الملائكة المؤمنَ إذا حضر، وتقولُ له: لا تَخَفْ مما أنتَ قادِمٌ عليه - فيذهب الله خوفه - ولا تحزن على الدنيا وأهلِها، وأبشر بالجنة، فيموتُ وقد جاءته البشرى.
(١) أخرجه: البخاري ٨/ ١٣٣ (٦٥١٠). (٢) أخرجه: ابن أبي الدنيا في كتاب " الموت " كما قال الحافظ العراقي في " تخريج أحاديث الإحياء " ٦/ ٢٤٩٥ (٣٩٣٠)، والمرسل أحد أنواع الحديث الضعيف. (٣) أخرجه: أحمد في " الزهد " (١٧١٨)، وأبو نعيم في " الحلية " ٥/ ٣١٧. (٤) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٤/ ٢٣٢ بنحوه. (٥) صحيح البخاري ٨/ ١٣٢ (٦٥٠٧) من حديث عبادة بن الصامت، به. (٦) انظر: تفسير القرطبي ١٠/ ١٠٢. (٧) النحل: ٣٢. (٨) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (١٦٢٩٥).