والنَّجاةَ من النار أمرٌ عظيم جداً، ولأجله أنزل الله الكتب، وأرسلَ الرُّسلَ، وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ:«كيف تقولُ إذا صلَّيتَ؟» قال: أسألُ الله الجنَّة، وأعوذُ به من النار، ولا أُحسِنُ دندنَتَك (١) ولا دندَنَة مُعاذ، يشير إلى كثرة دعائهما واجتهادهما في المسألة، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «حَوْلَها نُدَندِن».
وفي روايةٍ:«هل تصير دندنتي ودندنةُ مُعاذٍ إلا أنْ نسأل الله الجنَّةَ، ونعوذ به من النار»(٢).
وقوله:«وإنَّه ليسيرٌ على من يسَّره الله عليه» إشارةٌ إلى أنَّ التَّوفيقَ كُلَّه بيد الله - عز وجل -، فمن يسَّرَ الله عليه الهدى اهتدى، ومن لم يُيسره عليه، لم يتيسَّر له ذلك، قالَ الله تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}(٣)،
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «اعملوا فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِقَ لهُ، أمَّا أهل السَّعادة، فيُيسَّرون لعمل أهل السَّعادة، وأمَّا أهل الشَّقاوة، فيُيَسَّرون لعمل أهل الشقاوة»، ثم تلا - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية (٤). وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في دعائه:«واهدني ويسِّر الهُدى لي»(٥)،
وأخبر الله عن نبيه موسى - عليه السلام - أنَّه قال في دعائه:{رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي}(٦)، وكان ابنُ عمر يدعو: اللهمَّ يسرني لليُسرى، وجنِبني العُسرى (٧).
(١) الدندنة الكلام الذي لا يفهم. انظر: مختصر المختصر لابن خزيمة عقيب حديث (٧٢٥). (٢) أخرجه: أحمد ٥/ ٧٤، وابن ماجه (٩١٠) و (٣٨٤٧)، وابن خزيمة (٧٢٥)، وابن حبان (٨٦٨)، والبيهقي في "الصغرى" (٤٦٧) عن أبي هريرة، به، وهو حديث صحيح. وقد أبهم اسم الصحابي في " مسند الإمام أحمد " فقال: «عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -». (٣) الليل: ٥ - ١٠. (٤) أخرجه: معمر في " جامعه " (٢٠٠٧٤)، والطيالسي (١٥١)، وأحمد ١/ ١٢٩، وعبد ابن حميد (٨٤)، والبخاري ٢/ ١٢٠ (١٣٦٢) و ٦/ ٢١٢ (٤٩٤٧) و (٤٩٤٨) و (٤٩٤٩) وفي " الأدب المفرد "، له (٩٠٣)، ومسلم ٨/ ٤٥ (٢٦٤٧) (٦)، وأبو داود (٤٦٩٤)، وأبو يعلى (٥٨٢)، والبغوي (٧٢) عن علي بن أبي طالب، به. (٥) أخرجه: ابن أبي شيبة (٢٩٣٩٠)، وأحمد ١/ ٢٢٧، وعبد بن حميد (٧١٧)، والبخاري في " الأدب المفرد " (٦٦٥)، وأبو داود (١٥١٠) و (١٥١١)، والترمذي (٣٥٥١)، وابن ماجه (٣٨٣٠)، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (٦٠٧)، وابن حبان (٩٤٧) و (٩٤٨)، والطبراني في " الدعاء " (١٤١١) و (١٤١٢)، والحاكم ١/ ٥١٩ - ٥٢٠، والبغوي (١٣٧٥)، وقال الترمذي: «حسنٌ صحيح». … (٦) طه: ٢٥ - ٢٦. (٧) أخرجه: ابن أبي شيبة (٢٩٨٦١)، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " ١/ ٣٠٨.