وقال رجل لسلمان: أوصني، قال: لا تكلَّم، قال: ما يستطيعُ من عاش في الناس أنْ لا يتكلم، قال: فإنْ تكلَّمت، فتكلم بحقٍّ أو اسكُت (١).
وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يأخذ بلسانه ويقول: هذا أوردني الموارد (٢).
وقال ابن مسعود: والله الذي (٣) لا إله إلا هو، ما على الأرض أحقُّ بطول سجنٍ مِنَ اللِّسانِ (٤). وقال وهب بن منبه: أجمعت الحكماءُ على أنَّ رأسَ الحكمِ الصمتُ (٥).
وقال شميط بن عجلان: يا ابن آدم، إنَّك ما سكتَّ، فأنت سالمٌ، فإذا تكلمت، فخذ حِذرَك، إمَّا لك وإمَّا عليك (٦). وهذا بابٌ يطول استقصاؤه.
والمقصود أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بالكلام بالخير، والسُّكوتِ عمَّا ليس بخيرٍ، وخرَّج الإمام أحمدُ وابنُ حبان (٧) من حديث البراء بن عازب: أنَّ رجلاً قال: يا رسولَ الله، علمني عملاً يُدخلُني الجنَّة، فذكر الحديثَ، وفيه قال:
«فأطعم الجائع، واسقِ الظمآن، وأْمُر بالمعروف، وانْهَ عَنِ المُنكر، واسكت عن الشَّرِ (٨)، فإنْ لم تُطِقْ ذلك، فكفَّ لسانك إلاَّ مِن خيرٍ» (٩).
(١) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " الصمت " (٤٤). (٢) أخرجه: مالك (٢٨٢٥) برواية يحيى الليثي، وعبد الله بن المبارك في " الزهد " (٣٦٩)، ووكيع بن الجراح في " الزهد " (٢٨٧)، وابن أبي شيبة (٢٦٥٠٠) و (٣٧٠٤٧)، وفي " الأدب "، له (٢٢٢)، وأحمد في " الزهد " (٥٦٢)، وأبو نعيم في " الحلية " ١/ ٣٣، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٤٩٤٧). (٣) في (ص): «والذي». (٤) أخرجه: وكيع بن الجراح في " الزهد " (٢٨٥)، وابن أبي شيبة (٢٦٤٩٩)، وفي " الأدب "، له (٢٢١)، وأحمد في " الزهد " (١٦٢)، وابن حبان في " روضة العقلاء ": ٣٩، والطبراني في " الكبير " (٨٧٤٤) و (٨٧٤٥) و (٨٧٤٦) و (٨٧٤٧)، وأبو الشيخ في " الأمثال " (٢٤٤)، وأبو نعيم في " الحلية " ١/ ١٣٤. (٥) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " الصمت " (٦١٩). (٦) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " الصمت " (٦٢٣)، وأبو نعيم في " الحلية " ٣/ ١٢٩. (٧) تحرف في (ص) إلى: «ابن ماجه». (٨) عبارة: «واسكت عن الشر» سقطت من (ج). (٩) أخرجه: أحمد ٤/ ٢٩٩، وابن حبان (٣٧٤). وأخرجه: الطيالسي (٧٣٩)، والبخاري في " الأدب المفرد " (٦٩)، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار " (٢٧٤٣) و (٢٧٤٤)، والدارقطني ٢/ ١٣٥، والحاكم ٢/ ٢١٧، والبيهقي ١٠/ ٢٧٢ - ٢٧٣ وفي " شعب الإيمان "، له (٤٣٣٥)، والبغوي (٢٤١٩) من طرق عن عبد الرحمان بن عوسجة، عن البراء بن عازب، به، وهو حديث صحيح.