عن ابن مسعود، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا يَحِلُّ دمُ امرئٍ مُسلم يَشْهَدُ أنْ لا إله إلا الله، وأني رسولُ الله إلاّ بإحدى ثلاثٍ: الثَّيِّبِ الزَّاني، والنفسِ بالنفسِ، والتَّاركِ لدينه المفارق للجماعة»، وسيأتي الكلامُ على هذا الحديث مستوفى عندَ ذكره في موضعه من هذا الكتاب إنْ شاء الله تعالى (١).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وحسابُهُم على الله - عز وجل -» يعني: أنَّ الشهادتين مع إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة تَعصِمُ دمَ صاحبها وماله في الدنيا إلا أنْ يأتيَ ما يُبِيحُ دَمَهُ، وأما في الآخرة، فحسابُه على اللهِ - عز وجل -، فإنْ كان صادقاً، أدخله الله بذلك الجنة، وإنْ كان كاذباً فإنَّه من جملة المنافقين في الدَّرْك الأسفل من النار.
وقد تقدَّم أنَّ في بعض الروايات في " صحيح مسلم "(٢) ثم تلا: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}(٣) والمعنى: إنَّما عليك تذكيرُهم بالله، ودعوتهم إليه، ولستَ مسلطاً على إدخالِ الإيمانِ في قلوبهم قهراً ولا مكلفاً بذلك، ثم أخبر أنَّ مرجعَ العبادِ كلهم إليه وحسابُهم عليه (٤).
وفي " مسند البزار "(٥) عن عياض الأنصاري، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ لا إله
إلا الله كلمةٌ
على اللهِ كريمةٌ، لها عندَ اللهِ مكانٌ، وهي كلمةٌ من قالها صادقاً، أدخله
(١) سيأتي عند الحديث الرابع عشر. (٢) انظر:. (٣) الغاشية: ٢١ - ٢٦. (٤) انظر: تفسير الطبري ١٥/ ٢٠٧ - ٢٠٨، وتفسير البغوي ٥/ ٢٤٦، والمحرر الوجيز ١٥/ ٤٢٧، وتفسير ابن الجوزي ٩/ ١٠٠ - ١٠١، وتفسير القرطبي ٢٠/ ٣٧ - ٣٨، والبحر المحيط ٨/ ٤٥٩، والدر المنثور ٦/ ٥٧٦. (٥) كشف الأستار (٤).