يمكن ثرده في قصعة، ولا يمكن صرفه في ثمن سلعة، ولو جهدت بالطباخ أن يطبخ من رائية الشماخ لونا لم يقبل [١] ، واحتيج في البيت إلى شيء من الزيت، فأنشدت من شعر الكميت مئتي بيت، فلم يغن، كما لم يغن لو وليت، ولو وقعت أرجوزة العجّاج في توابل السكباج [٢] ، لما عدمتها عندي، ولكن ليست تنفع، فما أصنع [٣] .
أيوب الطبيب: كان الغالب عليّ من الأدعية: «اللهم اسقنا من رحمتك شربة تسهل بها دنوبنا، إنك أنت الغفور الرحيم»[٤] . قال ثابت بن قرة الطبيب [٥] : ليس أضرّ على الشيخ من أن يكون له طباخ حاذق، وجارية حسناء، لأنه يستكثر من الطعام فيسقم، ومن النكاح فيهرم.
وقال: راحة الجسم في قلة الطعام [٦] ، وراحة القلب في قلة الاهتمام، وراحة اللسان في قلة الكلام.
مرت عمرة بنت زهرة/ فتأملوها [٧] ، فقالت: يا بني نمير، لا لقول الله تعالى أطعتم، ولا بقول الشاعر أخذتم، قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ
[٨] ، وقال الشاعر [٩] : [الوافر]
فغضّ الطرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
كتب رجل إلى محبوبة له: طال العهد، واشتد الشوق، فاستدركي رمقي بلبان تمضغينه، وتجعلينه بين دينارين، وتنفذيه إليّ لأستشفي به. فكتبت إليه: قد امتثلت أمرك، فتفضل برد الطبق والمكبّة [١٠] . سمع مزيد [١١] ضجيج الناس في يوم كسوف، وريح عاصف، وغبرة منكرة، وقولهم: القيامة، القيامة، فقال: ويحكم، هذه قيامة على الريق! أين دابة الأرض؟ أين الدجال؟ أين نزول عيسى؟ أين طلوع الشمس من المغرب [١٢] .
[١] في اللطائف ص ٨٢- ٨٣ بعدها قوله: وبالقصاب أن يسمع أدب الكاتب فلم يقبل. [٢] السكباج: طعام يعمل من اللحم والخل مع توابل وأفاويه، القطعة منه سكباجة. (المعجم الوسيط: سكبج) . [٣] لطائف اللطف ص ٨٢- ٨٣، خاص الخاص ص ٨. [٤] المصدران السابقان. [٥] ثابت بن قرة: أبو الحسن الحراني الصابي، طبيب وفيلسوف ومترجم عن السريانية، نال منزلة رفيعة عند المعتضد العباسي، توفي سنة ٢٨٨ هـ. (وفيات الأعيان ١/٣١٣) . [٦] في اللطائف ص ٩٦ زيادة: وراحة الروح في قلة الآثام. [٧] قوله: (فتأملوها) ، ساقطة من ب. [٨] سورة النور ٣٠. [٩] البيت لجرير في ديوانه ص ٦٣ ط صادر، بيروت ١٩٦٠. [١٠] في اللطائف ص ٩٩ بعدها: ومن الظرف رد الظرف. [١١] في الأصول: مزيد، وفي الوافي مزبّد: أبو إسحاق مزبد المدني، كثير المجون، حلو النادرة، له نوادر طريفة. (فوات الوفيات ٤/١٣١) . [١٢] الخبر في الوافي ٤/١٣٢، واللطائف ص ١١٧.