[٢] رأى أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- رجلا بيده ثوب، فقال له: أهو للبيع؟
قال: لا، أصلحك الله، فقال له: هلّا قلت: لا، وأصلحك الله، لئلا يشتبه الدعاء لي، بالدعاء عليّ [٣] .
كان عمر يقول: لو كنت تاجرا لما اخترت على العطر [٤] ، إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه.
كان ابن مسعود يقول: الدنيا كلها غموم، فما كان فيها من سرور، فهو ربح [٥] .
كان ابن عباس كثيرا ما يروي عن النبي صلّى الله عليه وسلم:(الهدية مشتركة)[٦] فأهدي إليه من مصر ثياب، فأمر بتسليمها إلى خادمه، فقال له جلساؤه: ألم ترو لنا أن الهدية مشتركة؟
فقال: تلك مما يؤكل ويشرب، فأما ثياب مصر فلا.
كان أبو هريرة يقول: ما شممت رائحة أطيب من رائحة الخبز الحار. قال نصر بن سيار والي خراسان [٧] : كل شيء يرخص إذا كثر، إلا الأدب، فانه إذا كثر كان أغلى [٨] .
أبو جعفر المنصور [٩] ، شكى إليه رجل بعض عماله في قصة،/ فوقّع: اكفني أمر هذا، وإلا كفيته أمرك. وقال له بعض الهاشميين: إني صرورة [١٠] ، قال: فاحجج، قال: ليس لي نفقة، قال: ليس عليك حج، قال: يا أمير المؤمنين، إنما جئتك مستمنحا [١١] لا مستفتيا.
مرض خاقان [١٢] ، فعاده المعتصم وابنه الفتح إذ ذاك صبي، فقال له المعتصم: داري أحسن أم دار أبيك؟ فقال: ما دام أمير المؤمنين فيها فهي أحسن [١٣] ، وكان في يده خاتم
[١] نشر الكتاب بعنوان (لطائف اللطف) بتحقيق عمر الأسعد، ط دار المسيرة، بيروت ١٩٨٠. [٢] الثعالبي: عبد الملك بن منصور بن إسماعيل النيسابوري، مؤلف وله أشعار كثيرة، وهو صاحب (يتيمة الدهر) ، و (فقه اللغة) ، توفي ٩٢٤ هـ. (وفيات الأعيان ٣/٨٧١) . [٣] لطائف اللطف ص ٢٧. [٤] في لطائف اللطف ص ٢٧: عن العطر شيئا. والخبر في الإعجاز والأيجاز ص ٧٦. [٥] لطائف اللطف ص ٢٩، وفيه: (الدنيا غموم فمن كان فيها) . [٦] في لطائف اللطف ص ٢٩: الهدايا مشتركة. [٧] نصر بن سيار بن رافع، أمير من الدهاة الشجعان، والي خراسان توفي سنة ١٣١ هـ. (الكامل لابن الأثير ٥/١٤٨) . [٨] اللطائف ص ٣٦، والإعجاز والإيجاز ص ٧٦. [٩] الخليفة العباسي، وهو ثاني الخلفاء العباسيين، وباني بغداد، المتوفى سنة ١٥٨ هـ. [١٠] الصرورة: الذي لم يحج أو لم يتزوج. (اللسان: صرر) . [١١] في اللطف ص ٣٧، والإعجاز والإيجاز ص ٧٨: مستجديا. [١٢] خاقان: هو خاقان بن أحمد بن غرطوج، وهو أبو الفتح بن خاقان وزير المتوكل، توفي الفتح سنة ٢٤٧ هـ. (فوات الوفيات ٢/١٣٢) . [١٣] الخبر في اللطف ص ٤٣- ٤٤، وأخبار الأذكياء ص ٢١٢، وأخبار الظراف والمتماجنين لابن الجوزي ص ١٠٥.