بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} [آل عمران: ٩٣]
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا، وَأُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ القُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ».
وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: ١٢١]: وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، يُقَالُ: {يُتْلَى} [النساء: ١٢٧]: يُقْرَأُ، حَسَنُ التِّلَاوَةِ: حَسَنُ القِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ.
{لَا يَمَسُّهُ} [الواقعة: ٧٩]: لَا يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِالقُرْآنِ، وَلَا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلَّا المُوقِنُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: ٥]. وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: الإِسْلَامَ وَالإِيمَانَ وَالصَّلَاةَ عَمَلًا.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ: «أَخْبِرْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلَامِ»، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ إِلَّا صَلَّيْتُ (١).
وَسُئِلَ أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ الجِهَادُ، ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ».
قوله: وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا، وَأُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ القُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ»: سمَّاه عَملًا، سمَّى تِلَاوَتَهُم وعَمَلَهُم بما فيهِ عَمَلًا. والمَتلُو غَيرُ الفِعلِ، التِّلَاوَةُ فِعلُ العَبدِ، والْمَتلُو كَلَامُ الرَّبِّ.
وقوله: «وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ: … » إلى آخره: يَعْنِي: يُقَالُ هَذَا وهَذَا، يُقَالُ: يَتلُوهُ تِلَاوَةً يَعْنِي قَرأَهُ، يُقَالُ: حَسنُ التِّلَاوَةِ حَسنُ القِرَاءَةِ، ويُقَالُ: تَلَاهُ بِمَعنَى عَملَ به واتَّبَعَهُ، وفي الحَدِيثِ: «لا دَرَيتَ ولا تَلَيتَ» (٢)، ما فَهمْتَ الحَقَّ ولا اهْتَدَيتَ إلى الحَقِّ {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ}
(١) ورواه مسلم (٢٤٥٨).(٢) رواه البخاري (١٣٣٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute