في حَدِيثِ شَفَاعَتِهِ صلى الله عليه وسلم في أَهْلِ المَعَاصِي، وَأنَّه يَشفَعُ فِيهِمْ فَيُحَدُّ له حَدٌّ … إلى آخره، عِدةَ مَرَّاتٍ.
وهَكَذَا تَشفَعُ المَلَائِكَةُ، ويَشفَعُ المُؤمِنُونَ، ويَشفَعُ الأَفْرَاطُ، ثم يَقُولُ سبحانه وتعالى:«شَفعَ النَّبِيونَ وشَفعَتِ المَلَائِكَةُ وشَفَعَ المُؤمِنُونَ، ولم يَبقَ إلا رَحمَةُ أَرحَمِ الرَّاحِمِينَ»(١)؛ فَيُخرِجُ من النَّارِ أَقوَامًا ما فَعَلُوا خَيرًا قَط، إلَّا أنَّهُم يَقُولُونَ: لا إِلهَ إِلَّا اللهُ، إلا أَنَّهُمْ مُوحِّدُونَ قد عُذِّبُوا على مَعَاصِيهِم، ثم صَارَتِ النَّهَايَةُ إِخرَاجَهُم مِنْ النَّارِ بِتَوحِيدِهِم وما مَاتُوا عليه مِنَ الإِسلَامِ.
وحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه هَذَا وما جَاءَ في مَعنَاهُ كُلُّهَا صَريحَةٌ في الرَّدِّ عَلَيهِم؛ لأنَّ الخَوَارِجَ كَفَّرُوا مَنْ سَرقَ ومَن زَنَى قَالُوا: إنه كَافِرٌ مُخَلَّدٌ في النَّارِ، وهَذَا غَلَطٌ مِنْهُم عَظِيمٌ، وزَلَّةٌ كَبِيرةٌ وضَلَالٌ بَعِيدٌ؛ ولِهذَا قَالَ فِيهِمْ صلى الله عليه وسلم:«يَمْرُقُونَ مِنْ الإِسْلَامِ كما يَمرُقُ السَّهمُ من الرَّمِيةِ»(٢)، وقال فيهم:«يَقتُلُونَ أَهْلَ الإِسلَامِ ويَدَعُونَ أَهْلَ الأَوثَانِ»(٣).
وهَكَذَا قالت الْمُعتَزِلَةُ ومَن تَابَعَهُم أَنَّهُمْ عُصَاةٌ مُخَلّدُون في النَّارِ، ولم يَجرُؤوا أن يَقُولُوا: كُفَّارٌ، بل قالوا: في مَنزِلَةٍ بين الْمَنزِلَتَينِ، وجَعلُوهُم لا مُسلِمِينَ ولا كُفَّارًا، بل بين ذَلكَ في الدُّنيَا، وفي الآخِرَةِ مُخَلَّدُونَ في النَّارِ كمَا