أخرج البخاري ومسلم واللفظ له عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة زوج النبي ﷺ: "ما أَرى على أَحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئًا، وما أُبالى أَلَّا أَطوف بينهما" قالت: بئس ماقلت يا ابن أختى، طاف رسول الله ﷺ وطاف المسلمون فكانت سنة، وإنما كان من أهَلَّ لمناةَ الطاغية التي بالمشلَّلِ لا يطوفون بين الصفا والمروة، فلما كان الإسلام سألنا النبي ﷺ عن ذلك، فأنزل الله ﷿: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [سورة البقرة: ١٥٨] ولو كانت كما تقول لكانت: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا.
قال الزهرى: فذكرت ذلك لأَبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فأعجبه ذلك، وقال:"إن هذا للعِلْم" ولقد سمعت رجالًا من أَهل العلم يقولون: إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب يقولون: إن طوافنا بين هذين الحجرين من أَمر الجاهلية، وقال آخرون من الأنصار: إنَّما أُمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بين الصفا والمروة، فأَنزل الله ﷿ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾.
قال أَبو بكر بن عبد الرحمن:"فأُراها نزلت في هؤلاء وهؤلاء"(١).
وفي لفظ لمسلم: فقالت عائشة: "قد سن رسول الله ﷺ الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما"(٢).
(١) خ: (١/ ٥٠٤) (٢٥) كتاب الحج (٧٩) باب وجوب الصفا والمروة، وجُعِلَ من شعائر الله - عن أَبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن عروة به، نحوه رقم: (١٦٤٣). م: (٢/ ٩٢٩) (١٥) كتاب الحج (٤٣) باب بيان أن السعى بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به. رقم: (٢٦١/ ١٢٧٧). من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري به. والمُشَلَّل: قرية ذات مياه وزرع جنوب المدينة على الطريق منها لمكة. وَمَنَاة: صنم نصبه عمرو بن لحى هناك لهذيل كانوا يعبدونه. ووصفت بالطاغية باعتبار طغيان عبدتها، والطغيان مجاوزة الحد في العصيان. (٢) م: (٢/ ٩٢٩ - ٩٣٠) الموضع السابق. من طريق الليث بن سعد، عن عُقيل، عن ابن شهاب به.