فتوهم أي تخيل وتصور نفسك فِي ذَلِكَ الموكب، وهم أَهْل كرامة الله ورضوانه، مبيضة وجوههم، مشرقة برضا الله، مسرورون فرحون مستبشرون، وقَدْ وافيت باب الْجَنَّة بغبار قبرك، وحر المقام ووهج ما مر بك.
فنظرت إِلَى العين التي أعدها الله لأوليائه وإلى حسن مائها، فانغمست فيها مسرورًا، لما وجدت من برد مائها وطيبة، فوجدت لَهُ بردًا وطيبًا فذهب عَنْكَ بحزن المقام، وطهرك من كُلّ دنس وغبار، وأَنْتَ مسرور لما وجدت من طيب مائها لما باشرته، وقَدْ أفلتَّ من وهج الصراط وحره، لأنه قَدْ يوافي بابها من أحرقت النار بَعْض جسده بلفحها وقَدْ بلغت منه.
فما ظنك وقَدْ انفلت من حر المقام ووهج أنفاس الخلائق، ومن شدة توهج حر الصراط فوافيت باب الْجَنَّة بذَلِكَ، فَلَمَّا نظرت إِلَى العين قذفت بنفسك فيها، فتوهم (أي تصور وتخيل) فرحة فؤادك لما باشر برد مائها بدنك بعد حر الصراط، ووهج القيامة، وأَنْتَ فرح لمعرفتك إِنَّكَ إنما تغتسل لتتطهر لدخول الْجَنَّة والخلود فيها.