شَعِيرٍ. فَنُخْرِجُهُ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى ظَاهِرِ حَرَّتِنَا، وَنَحْنُ معه، فيستسقي، فو الله مَا يَقُومُ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى تَمُرَّ الشِّعَابُ. قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثَةٍ.
فَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ. فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالْجُوعِ؟ قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: إِنَّمَا أَخْرَجَنِي أَتَوَقَّعُ [ (٤) ] خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ [ (٥) ] ، هَذِهِ الْبِلَادُ مُهَاجَرُهُ، فَأَتَّبِعُهُ، فَلَا تُسْبَقُنَّ إِلَيْهِ إِذَا خَرَجَ. يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ، بِسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَسَبْيِ الذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ مِمَّنْ يُخَالِفُهُ، فَلَا يَمْنَعُكُمْ ذَلِكَ مِنْهُ. ثُمَّ مَاتَ. فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي فُتِحَتْ فِيهَا قُرَيْظَةُ، قَالَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ الْفِتْيَةُ، وَكَانُوا شُبَّانًا أَحْدَاثًا: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، وَاللهِ إِنَّهُ لَلَّذِي كَانَ ذَكَرَ لَكُمُ ابْنُ الْهَيَّبَانِ. فَقَالُوا: مَا هُوَ بِهِ.
قَالُوا: بَلَى وَاللهِ، إِنَّهُ لَصِفَتُهُ [ (٦) ] ثُمَّ نَزَلُوا، فَأَسْلَمُوا وَخَلُّوا أَمْوَالَهُمْ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَهَالِيهِمْ [ (٧) ] .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ فِي الْحِصْنِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا فَتَحَ رُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
[ (٤) ] في سيرة ابن هشام: «أتو كف خروج نبي» ، ومعناها: انتظر خروجه واستشعر.[ (٥) ] أظل زمانه: أشرف عليكم وقرب.[ (٦) ] في سيرة ابن هشام: «إنه لهو بصفته» .[ (٧) ] الخبر في سيرة ابن هشام (١: ٢٣٢- ٢٣٣) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute