الْمَنَايَا، نَوَاضِحُ [ (١٥) ] تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ [ (١٦) ] قَدْ رَأَيْتُ أَقْوَامًا مَا وَرَاءَهُمْ مَرْجِعٌ، وَمَا عِصْمَتُهُمْ إِلَّا سُيوفَهُمْ، وَلَا وَاللهِ مَا أَرَى أَنْ يقتل رجل متى يَقْتُلَ مِثْلَهُ، فَإِذَا قَتَلُوا مِثْلَ أَعْدَادِهِمْ فَمَا خَيْرٌ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ، فَرَوْا رَأْيَكُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ [ (١٧) ] .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَ لِقِصَةِ بَدْرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ:
فَلَمَّا سَمِعَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ذَلِكَ مَشَى فِي النَّاسِ فَلَقِيَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِنَّكَ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَسَيِّدُهَا وَالْمُطَاعُ فِيهَا فَهَلْ لَكَ إِلَى أَنْ لَا تَزَالَ [ (١٨) ] مِنْهَا بِخَيْرٍ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ؟ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ تَرْجِعُ بِالنَّاسِ وَتَحَمَّلُ دَمَ حَلِيفِكَ عمرو ابن الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ عُتْبَةُ: قَدْ فَعَلْتُ فَائْتِ ابْنَ الْحَنْظَلِيَّةِ يَعْنِي أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، ثُمَّ قَامَ عُتْبَةُ خَطِيبًا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّكُمْ وَاللهِ مَا تَصْنَعُونَ بِأَنْ تَلْقَوْا مُحَمَّدًا وأصحابه شيئا وقد نجّا الله عِيرَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ فَلَا حَاجَةَ لَكُمْ فِي أَنْ تَسِيرُوا فيَ غَيْرِ صَنِيعَةٍ وَإِنَّمَا خَرَجْتُمْ لِتَمْنَعُوا عِيرَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ فَاجْعَلُوا بِي جُبْنَهَا وَارْجِعُوا. وَاللهِ لَئِنْ أَصَبْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ لَا يَزَالُ رَجُلٌ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ رَجُلٍ يَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ قَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ أَوِ ابْنَ خَالِهِ أَوْ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَشِيرَتِهِ، فَارْجِعُوا وَخَلُّوا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ سَائِرِ الْعَرَبِ، فَإِنْ أَصَابُوهُ فَذَاكَ الَّذِي أَرَدْتُمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ أَلْفَاكُمْ وَلَمْ تَعْرِضُوا مِنْهُ لِمَا لَا تُرِيدُونَ.
قَالَ حَكِيمٌ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى جِئْتُ أَبَا جَهْلٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا الْحَكَمِ إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِكَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قَالَ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: انْتَفَخَ وَاللهِ سَحْرُهُ حِينَ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ كَلَّا وَاللهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَمَا
[ (١٥) ] في السيرة: «نواضح يثرب» ، ونواضح: الإبل التي يسقى عليها الماء.[ (١٦) ] الناقع: الثابت.[ (١٧) ] سيرة ابن هشام (٢: ٢٦١- ٢٦٢) .[ (١٨) ] في (ص) كتبت: «ألّا» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute