وعنده ابن أشعب بطيلسان كردي قد قطع وخيط، فأخذه بيده فنظر إليه فقال: فيه ثقل، ثم أمر برفعه، ثم أقبل على ابن أشعب فقال: حدثنا عن طمع أبيك، فقال: وما تصنع بطمع أبي، أحدثك عن طمعي، والله! ها هو إلا أن قلت في الطيلسان ثقل طمعت فيه وقال: ردوا الطيلسان! فدفعه إليه.
كتب إليّ أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الشافعي قال: قرئ على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين بن عبد الغفور بن أحمد الكناني (١) وأنا أسمع قال: أنبأنا عبد الوهاب الميداني، أنبأنا أبو سليمان بن زبر، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن جعفر، أنبأنا محمد بن جرير قال: قال الأصمعي: قال جعفر بن سليمان: قال أشعب لابنه عبيدة: إني أراني سأخرجك من منزلي وأنتفي منك، قال: لم يا أبت قال: إني أكسب خلق الله لرغيف وأنت أخي قد بلغت هذا السن وأنت في عيالي ما تكسب شيئا.
قال: بلى والله! إني لأكسب ولكني مثل الموزة (٢) لا تحمل حتى تموت أمها.
٤٠٣ - عتاب بن ورقاء الشيباني (٣):
قرأت على أبي أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين عن إبراهيم بن محمد الغنوي الرقي قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي قال: أخبرني أحمد بن عمر العذري، حدثنا محمد بن عبد الواحد الزبيري، حدثنا أبو سعيد السيرافي، حدثنا أبو إسحاق الزجاج، حدثنا المبرد قال: لما وصل المأمون إلى بغداد قال ليحيى بن أكثم:
وددت لو أني وجدت رجلا مثل الأصمعي ممن يعرف أخبار العرب وأيامها وأشعارها فيصحبني كما صحب الأصمعي الرشيد، فقال له يحيى: هاهنا شيخ يعرف هذه الأخبار يقال له عتاب بن ورقاء من بني شيبان، قال: فابعث لنا فيه! فحضر فقال له يحيى: إن أمير المؤمنين يرغب في حضورك مجلسه ومحادثته، فقال: أنا شيخ كبير، ولا طاقة لي، لأنه ذهب مني الأطيبان، فقال له المأمون: لا بد من ذلك، فقال له الشيخ:
فاسمع ما حضرني، فقال:
أبعد ستين أصبو … والشيب للمرء حرب
(١) في (ج): «الكتاني» وفي (ب): «الكتابي». (٢) هكذا في الأصول. (٣) انظر: معجم الأدباء ١٢/ ٧٩.