إليك بحلاوة منطقه، وزخرف مخرفته، فقال [الرشيد لعبد الملك](١): ما يقول هذا؟
قال: يا أمير المؤمنين! مقال حاسد نعمة ودسيس منافق في تقدم (٢) منزلة (٣) وعلو مرتبة، قال: صدقت يا أبا عبد الرحمن! انتقص القوم وفضلتهم (٤)، [وتخلفوا وتقدمتهم، حتى](٥) برز شأوك وقصر عنه غيرك، ففي صدورهم جمرات التأسف، فقال عبد الملك: فلا أطفأها الله وأضرمها (٦) عليهم بالمزيد من رأي أمير المؤمنين.
قال الزبير: ثم وشى به بعد ذلك، وتتابعت الأخبار فيه [بفساد نيته للرشيد](٧) وكثر حاسدوه، فدخل في بعض الأيام وقد امتلأ قلب الرشيد عليه [غيظا](٨)، فرأى منه انقباضا وعبوسا، فقال الرشيد: أكفرا بالنعمة وغدرا بالإمام؟ فقال عبد الملك: قد بؤت إذا بأعباء الندم واستحلال النقم، وما ذاك يا أمير المؤمنين إلا بغي (٩) حاسد نافس فيك وفي تقديم الولاية ومودة القرابة، يا أمير المؤمنين! إنك خليفة رسول الله ﷺ في أمته وأمينه على عترته، لك عليها فرض الطاعة وأداء النصيحة، ولها عليك العدل في حكمها والتثبت في حادثها، فقال له الرشيد: أتضع لي من لسانك وترفع عليّ من جنانك، بحيث يحفظ الله لي عليك ويأخذ لي به منك، هذا قمامة كاتبك يخبرني بفساد نيتك وسوء سريرتك، فاسمع كلام قمامة، [فقال عبد الملك](١٠): فلعله أعطاك ما ليس في عقده، ولعله لا يقدر أن (١١) يعضهني ولا يبهتني بما لم يعرفه مني ولم يصح له عني، فأمر بإحضار قمامة فأحضر، فقال الرشيد: تكلم بما
(١) ما بين المعقوفتين زيادة من المطبوعة. (٢) في (ب)، والأصل: «في تقديم». (٣) في (ب): «منزله». (٤) في (ب)، (ج): «وفضلهم». (٥) ما بين المعقوفتين زيادة من تاريخ الطبري. (٦) في كل النسخ: «أخربها» والتصحيح من تاريخ الطبري. (٧) ما بين المعقوفتين زيادة من فوات الوفيات. (٨) ما بين المعقوفتين زيادة من فوات الوفيات. (٩) في (ب): «بغى». (١٠) ما بين المعقوفتين زيادة من تاريخ الطبري. (١١) في (ج) زيادة: «بهضمنى ولا»