مقابلة قوله له: يا أبت، وأنكر عليه أنه راغب عن عبادة الأوثان، أي: مُعرض عنها لا يريدها؛ لأنه لا يعبد إلا الله وحده ﷿، وهدده بأنه إن لم ينته عما يقوله له ليرجمنه، قيل: بالحجارة، وقيل: باللسان شتمًا، والأول أظهر، ثم أمره بهجره مليًّا، أي: زمانًا طويلًا، ثم بين أن إبراهيم قابل- أيضًا- جوابه العنيف بغاية الرفق واللين، في قوله: ﴿قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ [مريم: ٤٧]» (١).
الرفق بالحيوان والنبات ونحوه:
ومن الرفق بالحيوان: أن يُدفع عنه أنواع الأذى، كالعطش والجوع، والمرض، والحمل الثقيل، فعن أبي هريرة ﵁: أن رسول الله ﷺ قال: «بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ»(٢).