يقولُ تاجُ الدّينِ بنِ السبكي:"إذا نُقِلَ عن مجتهدٍ واحدٍ في مسألةٍ واحدةٍ، قولان، ولم يُعقبْ بما يشعرُ بترجيحِ أحدِهما: فيدلُّ على توقّفِه في المسألةِ؛ لعدمِ ترجيحِ دليلِ أحدِ الحُكمين في نظرِه"(١).
رابعًا: إعراضُ الإمامِ عن المسألةِ، بقولِه مثلًا: دعها، أو: لا أعرفُها، أو: لا أدري، أو: ما سمعتُ (٣)، أو: لا أقولُ فيها شيئًا (٤).
يقولُ ابنُ حامدٍ تحتَ باب:(البيان عن مذهبِه إذا صَدَرَ منه الجوابُ بأنْ يَدَعَ عنه السؤال): "ظاهرُ جوابِه بهذا يُؤْذِنُ بأنَّه متوقفٌ عن القطعِ في الحالِ"(٥). وقال أيضًا:"إذا صَدَرَ الجوابُ مِنْ أبي عبدِ الله بـ: ما سمعتُ، ولا أعرفُ، فذلك لا يكسبُ قطعًا بتحريمٍ ولا تحليلٍ، بلْ يقتضي ذلك الوقف لا غير"(٦).
ويقولُ ابنُ عابدين:"توقّف فيه - أيْ: فيما لو حَلَفَ لا يكلمه دهرًا، هل هو للأبد؟ - أبو حنيفةَ، وقال: لا أدريْ ما هو"(٧).
أمثلة ذلك:
المثال الأول: سأل إسحاقُ بن منصور الإمامَ أحمدَ بن حنبل عن الصبي إذا أمَّ قبلَ أنْ يحتلمَ؟ فقالَ:"دعْها"(٨).
(١) الإبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٧٠٥) بتصرف. (٢) الأم (٢/ ٣٨٠). (٣) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٥٠٤، ٥٧٣)، و (٢/ ٦٧٤، ٦٩٤، ٧٠٥، ٧٢٨)، وشرح العمدة لابن تيمية، كتاب الطهارة (ص/ ٤٥٦)، والإنصاف (٢/ ١٧٧). (٤) انظر: المغني لابن قدامة (١٤/ ٥٨٩). (٥) تهذيب الأجوبة (١/ ٥٧٤). (٦) المصدر السابق (٢/ ٦٧٤) بتصرف يسير. (٧) رد المحتار على الدر المختار (١١/ ٥١٤). (٨) مسائل الإمام أحمد وإسحاق برواية إسحاق بن منصور (١/ ٧٠٤).