ففي هذه الأحاديث الصَّحيحة أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- سُئِل عن أشربةٍ من غير العِنَبِ؛ كالمِزْر وغيره، فأجابَهُم بكلمةٍ جامعةٍ، وقاعدةٍ عامَّةٍ:(إنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)، وهذا يُبيِّنُ أنَّه أراد كُلَّ شَرابٍ كان جِنْسُهُ مُسْكِراً حَرامٌ؛ سواءٌ سَكِرَ منه أو لم يَسْكَرْ؛ كما في خَمْر العِنَب. ولو أراد بالمُسْكِر القَدَحَ الأخير فقط لم يَكُن الشَّرابُ كُلُّهُ حَراماً، ولكان بيَّن لهم؛ فيقول: اشربوا منه ولا تَسْكَروا، ولأنَّه سألهم عن المِزْر:(أَمُسْكِرٌ هُوَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)، فلمَّا سألهم:(أَمُسْكِرٌ هُوَ؟) إِنَّما
(١) الصِّرْماء: من الصِّرْمة -بالكسر-، وهي القطعة من النخل. انظر: المعجم الوسيط (١/ ٥١٤). (٢) القُمْزَة: الكُتْلَة من التَّمْر. انظر: لسان العرب (٥/ ٣٩٧). (٣) المِزْرُ: نبيذ يُتَّخذ من الذرة، وقيل: من الشعير أو الحنطة. النهاية في غريب الحديث (٤/ ٦٨٨).