ونَزلَ ابنُ مالك بن أنس مِن فوقُ، ومعه حَمَامٌ (١) قد غطَّاه، قال: فعَلِمَ مالكٌ أنَّه قد فَهِمَه الناسُ، فقال: الأدبُ أدبُ الله، لا أدبُ الآباء والأُمَّهات، والخيرُ خيرُ الله، لا خيرُ الآباء والأُمَّهات (٢).
١٣٨ - حدثنا عبد الرحمن بن محمد المَازِني، حدثنا هارون الفَرْوي، حدثني أبي قال: كان يحيى بنُ مالك بن أنس يدخلُ ويخرجُ، ولا يَجْلِسُ معنا عند أبيه، فكان إذا نظرَ إليه أبوه يقول: هَاهْ، إنَّ ممَّا يُطَيِّب نفسي أنَّ هذا العِلْمَ لا يُورَث، وأنَّ أحدًا لم يَخْلُف أباه في مجلسِه، إلَّا عبدُ الرحمن بنُ القاسم (٣).
١٣٩ - حدثنا بَكْر بن أحمد بن الفَرَج الزُّهري، حدثنا العبَّاس بن الفَرَج الرِّيَاشي، حدثنا عبد الملك بن قُرَيْب قال: دخل عبدُ الملك بن مروان المسجدَ الحرامَ، فرأى حِلَقَ العِلْم والذِّكْر فأُعْجِب بها، فأشار إلى حَلْقة فقال: لِمَن هذه الحَلْقة؟ فقيل: لعَطَاء. ونظر إلى أخرى فقال: لِمَن هذه؟ فقيل: لسعيد بن جُبَيْر. ونظر إلى أخرى فقال: لِمَن هذه؟ فقيل: لمَيْمون بن مِهْران. ونظر إلى أخرى فقال: لِمَن هذه؟ فقيل: لمَكْحول. ونظر إلى أخرى فقال: لِمَن هذه؟ فقيل: لمُجَاهد. وكلُّ هؤلاء مِن أبناء الفُرْس الذين باليَمَن.
فرجعَ إلى منزلِه، وبعث إلى أحياءِ قُرَيْش فجَمَعهم، فقال: يا معشرَ قُرَيْش،
(١) «حمام» ليس في ك، وأثبته من ظ، س، أ، ي. (٢) أخرجه القاضي عياض في «الإلماع» (ص: ٢١٦) من طريق المصنف. (٣) أخرجه السِّلَفي في «الطيوريات» (٧٣)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٥/ ٣٣٤) من طريق هارون بن موسى الفروي.