وقد قيل في "التصدية": إنها "الصد عن بيت الله الحرام". وذلك قول لا وجه له، لأن "التصدية"، مصدر من قول القائل:"صدّيت تصدية". وأما "الصدّ" فلا يقال منه: "صدَّيت"، إنما يقال منه "صدَدْت"، فإن شدَّدت منها الدال على معنى تكرير الفعل قيل:"صدَّدْتَ تصديدًا". (١) إلا أن يكون صاحب هذا القول وجَّه "التصدية" إلى أنه من "صَدَّدت"، ثم قلبت إحدى داليه ياء، كما يقال:"تظنَّيْتُ" من "ظننت"، وكما قال الراجز:(٢)
تَقَضِّيَ البَازِي إذَا البَازِي كَسَرْ (٣)
يعني: تقضُّض البازي، فقلب إحدى ضاديه ياء، فيكون ذلك وجهًا يوجَّه إليه.
* ذكر من قال ما ذكرنا في تأويل "التصدية".
١٦٠٤٩ - حدثني أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا طلحة بن عمرو، عن سعيد بن جبير:"وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية"، صدهم عن بيت الله الحرام.
١٦٠٥٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن سليمان قال، أخبرنا طلحة بن عمرو، عن سعيد بن جبير:"وتصدية" قال: "التصدية"، صدّهم الناس عن البيت الحرام.
١٦٠٥١ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله:"وتصدية"، قال: التصديد، عن سبيل الله، (٤) وصدّهم عن الصلاة وعن دين الله.
(١) في المطبوعة والمخطوطة: " صددت تصدية "، وهو خطأ ظاهر، صوابه ما أثبت. (٢) هو العجاج. (٣) سلف البيت وتخريجه وشرحه ٢: ١٥٧، وسيأتي في التفسير ٣٠: ١٣٥ (بولاق) . (٤) في المطبوعة: " التصدية "، وفي المخطوطة توشك أن تقرأ هكذا وهكذا، ورأيت الأرجح أن تكون " التصديد "، فأثبتها.