وكان بعض قرأة العراق يسكّنها، ثم يدغمها في"الطاء"، لمقاربتها في المخرج (١) .
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك ترك الإدغام، لأنها = أعني"التاء" و"الطاء" = من حرفين مختلفين. وإذا كان كذلك، كان ترك الإدغام أفصح اللغتين عند العرب، واللغة الأخرى جائزةٌ = أعني الإدغام في ذلك = محكيّةٌ.
* * *
القول في تأويل قوله: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا (٨١) }
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم:"فأعرض"، يا محمد، عن هؤلاء المنافقين الذين يقولون لك فيما تأمرهم:"أمرك طاعة"، (٢) فإذا برزوا من عندك خالفوا ما أمرتهم به، وغيَّروه إلى ما نهيتهم عنه، وخلّهم وما هم عليه من الضلالة، وارض لهم بي منتقمًا منهم ="وتوكل" أنت يا محمد ="على الله"، يقول: وفوِّض أنت أمرك إلى الله، وثق به في أمورك، وولِّها إياه (٣) ="وكفى بالله وكيلا"، يقول: وكفاك بالله = أي: وحسبك بالله ="وكيلا"، أي: فيما يأمرك، ووليًّا لها، ودافعًا عنك وناصرًا. (٤)
* * *
(١) انظر معني القرآن للفراء ١: ٣٧٩. (٢) انظر تفسير"الإعراض" فيما سلف ٢: ٢٩٨، ٢٩٩ / ٦: ٢٩١ / ٨: ٨٨. (٣) انظر تفسير"التوكل" فيما سلف: ٧: ٣٤٦. (٤) انظر تفسير"الوكيل" فيما سلف ٧: ٤٠٥.