للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو تأمَّلنا في كتاب الله لوجدنا أن الله تعالى في مواضع ينفي الشفاعة، وفي مواضع يثبتها، فمن شواهد نفي الشفاعة: قول الله ﷿ فيما استدلَّ به المصنف: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ﴾ [البقرة: ٢٥٤]): وذلك اليوم هو: يوم القيامة، فنفى الله تعالى الشفاعة، وهذه الشفاعة المنفية هي الشفاعة في المشركين كما قال في الآية الأخرى: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨].

وأما الشفاعة المثبتة فهي: التي أثبتها الله تعالى بشروطها، فهي (الَّتِي تُطْلَبُ مِنَ اللهِ) سبحانه، يتحقَّق فيها شرطان كما أسلفنا:

• إذن الله للشافع أن يشفع.

• ورضاه عن المشفوع له.

كما قال ربُّنا: (﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥]) وقال: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨]، ألم تروا أن نبيَّنا حين يهمُّ بالشفاعة للخلائق يوم القيامة الشفاعة العظمى أن يُقضى بينهم فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيَقُولُونَ: (يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي ﷿، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا، لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي (١)، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ،


(١) لم يذكر الشفاعة بعد وإنما شرع في ذكر المحامد.

<<  <   >  >>