وهذا لا يعني إسقاط الواجبات، وإحلال المحرَّمات، وإنما معناه: ما دام يذنب ويستجمع شروط التوبة في كلِّ مرة فيستغفر، فإني لا أزال أغفر له، هذه نعمةٌ عظيمة، فلو لم تشرع التوبة ماذا يكون حالنا؟ لو كان كل من أذنب يحمل وزره على كتفيه ماذا سيجتمع علينا من الذنوب والخطايا؟ لكنَّ دعوةً خالصة يدعو بها العبد ربَّه قائلًا:(ربِّ اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، يمحو الله تعالى بها جميع السيئات.
ووجه كونها عنوان السعادة؛ فلأن الإنسان لا يسعد إلا بأن يهدأ باله، ويطمئن قلبه، فإذا كان يقابل الضراء بالصبر، (وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)(٢) ويقابل السراء بالشكر فإنه يكون متوازنًا نفسيًا، لا يستخفه الأشر والبطر عند السراء، ولا يصيبه الكمد والإحباط والقنوط في حال الضراء؛ بل يبقى متوازنًا، هذا في شأن الدنيا، وأما في الآخرة فمن إذا أذنب استغفر، وفد إلى الله ﷿ وقد محيت خطاياه. فيحصِّل سعادة الدنيا والآخرة، وهذا عنوان السعادة.
(١) أخرجه البخاري رقم (٧٥٠٧)، و مسلم رقم (٢٧٥٨). (٢) أخرجه البخاري رقم (١٤٦٩)، ومسلم رقم (١٠٥٣)، من حديث أبي سعيد الخدري، ﵁، مرفوعاً.