كان أهل العلم يزجرون من حاد عن الأدب، وينكرون على من خالف فيه، ولا يسمحون بتجاوز هذا الباب مهما كان قدره ومكانته؛ لأنَّ هذا هو طريق العلم.
ومن ذلك: دخل الحافظ ابن وارة الرازي (وكان فيه زهو) على الإمام الشاذكوني فجعل يتمعر في كلامه فقال له: من أي بلد أنت؟
فقال: من أهل الري ألم يأتك خبري، ألم تسمع بنبئي؟! أنا ذو الرحلتين.
فقال: من روى حديث " إنَّ من الشعر لحكمة "؟
فقال ابن وارة: حدثني بعض أصحابنا.
فقال الشاذكوني: من أصحابك؟
فقال: أبو نعيم، و قبيصة.
فقال: ياغلام ائتني بالدرة، فأمر أن يضرب خمسين ضربة، وقال: أنت تخرج من عندي، وما آمن أن تقول حدثني بعض غلماننا (١).
(١) الكامل في الضعفاء لابن عدي (٤/ ٣٠١)، تاريخ بغداد (٤/ ٤٢٢)، تهذيب الكمال للمزي (٢٦/ ٤٥٠). أبو نعيم = هو شيخ الإسلام الحافظ أبو نعيم الفضل بن دكين التيمي، توفي سنة ٢١٨ هـ، وقيل ٢١٩ هـ. قبيصة = هو الإمام الحافظ أبو عامر قبيصة بن عقبة الكوفي، توفي سنة ٢١٥ هـ.