إنَّ الأدب من أصول الدين وقَوَامه، ومن صفات أصحابه وقُوَّامه؛ لذلك فإنه من الأسس والأصول التي جاء بها دين الإسلام، وقررته الشريعة المطرة؛ ولذا فإنه من الأمور التي جاء جبريل ﵇ ليعلمها للنبي ﷺ وأصحابه، وللأمة من بعدهم، ففي الحديث الطويل المعلوم الذي قال النبي ﷺ فيه "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"(١)
فإنَّ جبريل ﵇ جاء ليعلمنا بقوله وفعله، ففي رواية يحكي لنا أبوهريرة فعل جبريل ﵇ قال: كان رسول الله ﷺ يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب، فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله ﷺ أن نجعل له مجلسًا يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكانًا (٢) من طين كان يجلس عليه، وإنا لجلوس، ورسول الله ﷺ في مجلسه إذ أقبل رجل أحسن
(١) يشير إلى حديث جبريل الذي أخرجه البخاري (٥٠) من حديث أبي هريرة، ومسلم (٨) من حديث عمر، واللفظ له. (٢) الدُّكَّان كما في القاموس: بناء يُسَطَّحُ أعلاه للمَقْعَد. وفي هذا الحديث استنبط منه الإمام القرطبي استحباب جلوس العالم بمكان يختص به، ويكون مرتفعًا إذا احتاج لذلك لضرورة تعليم، ونحوه.