وقالَ الحَنابلةُ: ولا يُكرهُ للوليِّ الرُّجوعُ عنِ الإجابةِ إذا رَأى المَصلحةَ لها في ذلكَ؛ لأنَّ الحَقَّ لها، وهو نائبٌ عنها في النَّظرِ لها، فلا يُكرهُ له الرُّجوعُ الَّذي رَأى المَصلحةَ فيهِ، كما لو ساوَمَ في بَيعِ دارِها ثمَّ تبيَّنَ له المَصلحةُ في تَركِها، ولا يُكرهُ لها أيضًا الرُّجوعُ إذا كَرهَتِ الخاطِبَ؛ لأنهُ عَقدُ عُمرٍ يَدومُ الضَّررُ فيهِ، فكانَ لها الاحتِياطُ لنَفسِها والنَّظرُ في حَظِّها.
وإنْ رجَعَا عن ذلكَ لغيرِ غَرضٍ كُرِهَ؛ لِما فيه مِنْ إخلافِ الوَعدِ والرُّجوعِ عنِ القولِ، ولم يَحرمْ؛ لأنَّ الحَقَّ بعدُ لم يَلزمْهُما، كمَن ساوَمَ بسِلعتِه ثمَّ بدَا له ألَّا يَبيعَها (٤).
(١) «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٦٨). (٢) «مواهب الجليل» (٥/ ٣٧). (٣) «حاشية الجمل» (٤/ ١٢٩)، و «حاشية البجيرمي على منهج الطلاب» (٣/ ٣٨٩). (٤) «المغني» (٧/ ١١١)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٩)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٥).