إلى غير ذلك مما دلَّ (٢) على أنه عربيٌّ وبلسان العرب، لا أنه أعجميٌّ ولا بلسان العَجَم، فمن أراد تفهُّمه، فمن جهة لسان العرب يُفهَم، ولا سبيل إلى تطلُّب فهمه من غير هذه الجهة" (٣).
وكونُ "القرآن مُعجِزًا أفحم الفصحاء، وأعجز البلغاء أن يأتوا بمثله؛ فذلك لا يُخرِجه عن كونه عربيًّا جاريًا على أساليب كلام العرب ميسَّرًا للفهم فيه عن الله ما أمَر به ونهَى، لكن بشرط الدُّربة في اللسان العربي … ؛ إذ لو خرج بالإعجاز عن إدراك العقول معانيَه؛ لكان خطابُهم به من تكليف ما لا يُطاق، وذلك مرفوع عن الأُمَّة، وهذا من جملة الوجوه الإعجازية فيه؛ إذ من العجب إيراد كلام من جنس كلام البشر في اللسان والمعاني والأساليب، مفهومٌ معقولٌ، ثم لا يقدِر البشر على الإتيان بسورة مثله لو اجتمعوا وكان بعضهم لبعض ظهيرًا؛ فهُم أقْدرُ ما كانوا على معارَضة الأمثال أعجزُ ما كانوا عن معارضته، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: ١٧]، وقال: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ