"وقعت نازلةٌ بإمام مسجد ترك ما عليه الناس بالأندلس؛ من الدعاء للناس بآثار الصلوات بالهيئة الاجتماعية على الدوام - وهو أيضًا معهود في أكثر البلاد، فإن الإمام إذا سلَّم من الصلاة يدعو للناس، ويؤمِّن الحاضرون -، وزعم التارك أن تركه بِناءً منه على أنه لم يكن من فِعل رسول الله ﷺ، ولا فِعل الأئمة بعدَه؛ حسبما نقله العلماء في دواوينهم عن السلف والفقهاء.
أمَّا أنه لم يكن من فِعل رسول الله ﷺ فظاهرٌ …
وأمَّا فِعل الأئمة بعدَه، فقد نقل الفقهاء من حديث أنس - في غير كتب الصحيح -: "صلَّيتُ خلفَ النبيِّ ﷺ، فكان إذا سلَّم يقوم، وصلَّيتُ خلفَ أبي بكر ﵁، فكان إذا سلَّم وثَب كأنه على رَضْفَةٍ" (١)؛ يعني: الحَجَر المُحْمَى …
وقال مالك في "المدونة" (٢): "إذا سلَّم فليقُم ولا يقعُد، إلا أن يكون في سَفَر أو في فنائه".
(١) أخرجه عبد الرزاق في: المصنف (٣٢٣١)؛ وابن خزيمة في صحيحه (١٧١٧)؛ والطبراني في: الكبير (٧٢٧)؛ والحاكم في: المستدرك (٧٨٤)، وقال: "هذا حديث صحيح رواته ثقات غير عبد الله بن فرُّوخ فإنهما لم يخرجاه لا لجرح فيه، وهذه سُنة مستعمَلة لا أحفظ لها غير هذا الإسناد"؛ والبيهقي في السنن (٣٠٠١)، وقال: "تفرَّد به عبد الله بن فرُّوخ المصري، وله أفراد، والله أعلم، والمشهور عن أبي الضحى، عن مسروق قال: كان أبو بكر الصديق ﵁ إذا سلَّم قام كأنه جالس على الرّضْف"، ورُوينا عن عليٍّ أنه سلَّم ثم قام". (٢) ١/ ٢٦٦.