وحديث كعب عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فاتقوا الله وتحفظو امن الحديث (١)
وقد يؤكِّدُ أحياناً صحة ما يرويه عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيقول:«يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَدَمُهُ»(٢) لأنه على يقين مِمَّا يقول، فقد سمع بأذنه، ووعى قلبه وذكر بلسانه.
وقد يسأله بعض الحضور: أسمعت هذا من رسول الله؟ فيقول: نعم. ويُبَيِّنُ أنَّ ذلك ليس رأيه، من ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو القارئ، قال: سمعت أبا هريرة يقول: لاَ وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ، مَا أَنَا قُلْتُ:«مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلاَ يَصُومُ» .. «مُحَمَّدٌ وَرَبِّ الْبَيْتِ قَالَهُ، مَا أَنَا نَهَيْتُ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، مُحَمَّدٌ نَهَى عَنْهُ وَرَبِّ الْبَيْتِ»(٣).
وربما جلس إلى حُجرة عائشة، فيُحَدِّثُ ثم يقول: يا صاحبة - وفي رواية يا أمه - أتنكرين مِمَّا أقول شيئاً؟ قال ابن عباس: فلما قضت صلاتها، لم تنكر ما رواه، لكن قالت: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ سَرْدَكُمْ (٤). فلم تنكر عليه حفظه، أو سماعه عن النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - إنما أنكرت سرده الحديث.
وكان أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يُبَيِّنُ أهمية فهم ما يسمعه المرء، ومكانة الفقه من الدين، قال: قال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ فِقْهٍ فِي الدِّينِ». قال أبو هريرة: «لأََنْ أَفْقَهُ سَاعَةً أَحَبُّ إِلَيَّ
(١) " البداية والنهاية ": ص ١٠٩، جـ ٨ ونحوه في " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٦، جـ ٢. (٢) " مسند الإمام أحمد: ص ٢٩١، جـ ١٣ رقم ٧٥٥٥ بإسناد صحيح وقد قال هذا بعد أنْ ذكر الحديث التالي عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا، وَمَنَعْتِ الشَّامُ مُدَّهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ». يشهد على ذلك .. (٣) " مسند الإمام أحمد: ص ١١٧، جـ ١٣ رقم ٧٣٨٣ إسناده صحيح، ورواه البخاري. (٤) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٧، جـ ٢. وقد اعتبر أعداء أبي هريرة قولها هذا تكذيباً لأبي هريرة، وسَنُفَنِّدُهُ في الباب الثاني إنْ شاء الله .. انظر فقرة (أبو هريرة وعائشة).