ناولنيها يا رسول الله، فقال - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خُذْ غَيْرَهَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَإِنَّهُ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَةِ»(١).
وكان يحب من أحبه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقد لقي أبو هريرة الحسن بن علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فقال له:«أَرِنِي أُقَبِّلْ مِنْكَ حَيْثُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ»، فَرَفَعَ القَمِيصَ وَقَبَّلَ سُرَّتَهُ (٢).
لم يفارق أبو هريرة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلاَّ حين بعثه مع العلاء الحضرمي إلى البحرين، ووصَّاهُ به، فجعله العلاء مؤذِّناً بين يديه، وقال له أبو هريرة: «لا تَسْبِقْنِي بِـ (آمِينَ) أَيُّهَا الأَمِيرُ» (٣).
وستبدو لنا ملازمة أبي هريرة للرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من خلال دراستنا لذلك نكتفي بهذا القدر هنا.
كما أرسله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع قُدامة لأخذ جزية البحرين، فقد وجَّه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتاباً إلى المنذر بن ساوى أمير البحرين فقال:«أما بعد ... فإني بعثت إليك قدامة وأبا هريرة، فادفع إليهما ما اجتمع عندك من جزية أرضك والسلام». وكتب أُبَيٌّ (٤).
التزام أبي هريرة السُنَّةَ:
كان أبو هريرة يسير على هُدَى الرسول الأمين، ويقتدي به، ويُحِّذِرُ
(١) " مجمع الزوائد ": ص ٩، جـ ٢. رواه الإمام أحمد، ورجاله رجال الصحيح. (٢) " مسند الإمام أحمد ": ١٣/ ١٩٥، رقم ٧٤٥٥ وفيه: (فقال بالقميصة: يعني رفع القميص). (٣) " البداية والنهاية ": ٨/ ١١٣، وكان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد ولَّى العلاء الحضرمي البحرين سنة ٨ هـ حين انصرف من (الجعرانة)، وكانت عمرة الجعرانة في ذي القعدة من سنة ٨ للهجرة. انظر " طبقات ابن سعد ": ص ٧٦ - ٧٧، جـ ٤، قسم ٢. و " نور اليقين ": ص ٢٣٩. (٤) " الوثائق السياسية ": ص ٨٧.