ورفعوه للمصطفى - صلى الله عليه وسلم -. وفي ذلك ... يقول:(ومن المسيحيات في الحديث: ما رواه البخاري ... وفقه هذا الحديث الذي سمعه الصحابي الجليل من الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أن الشيطان يطعن كل ابن آدم، أو ينخسه؛ إلاّ عيسى بن مريم وأمّه. وبذلك لم يسلم من طعن الشيطان أحدٌ غيرهما من بني آدم أجمعين، حتى الرسل: نوح وإبراهيم، وموسى، وغيرهم. وخاتمهم محمد صلوات الله عليه وعلى جميع النبيين = فانظر، واعجب!)(١) .
وممّن تبنّى الموقف الثاني - أعني: موقفَ تأويل الحديث -: أبو القاسم الزمخشري؛ حيث تأوَّل "النّخس" الوارد في الحديث بأنه مجرّد طمع الشيطان في كل مولود سوى مريم وابنها عليهما السلام، ومن كان متصفا بصفتهما. وفي ذلك يقول:( .. وما يُروى من الحديث: (ما من مولود يلد إلا والشيطان يمسّه ... ) فالله أعلم بصحّته؛ فإنْ صَحّ فمعناه: أنّ كل مولود يطمع الشيطانُ في إغوائه؛ إلاّ مريم وابنها، فإنّهما كانا معصومَيْن. وكذلك كلُّ مَن في صفتهما ... واستهلالُه صارخًا من مَسّه: تخييل وتصويرٌ لطمعه فيه؛ كأنّه يمسّه، ويضرب بيديه عليه، ويقول: هذا ممّن أُغويه. ونحوه من التخييل ... وأمّا حقيقة المسّ والنّخس - كما يتوهّم أهل الحشوِ؛ فكلاّ) (٢) .
وارتضى قولَه، ونقله عنه:"ابن الملك"(٣)، ومن المعاصرين "إمام حنفي"(٤) .
(١) "أضواء على السنة المحمدية" (ص ١٨٦) . (٢) "الكشّاف" (ص ١٧٠) . (٣) انظر: "مبارق الأزهار" لابن الملك (٢/ ١٣٣ - ١٣٤) . (٤) انظر: "إبليس في التصور الإسلامي" (ص ٤٣) .