القول الثاني: أَنَّ اللوم والمحاجّة كانا في غير دار التكليف، وهذا القول اختاره زكريا الأنصاري (١)، وأحد قَوْلَي ابن الملك (٢) .
القول الثالث: أنَّ آدمَ غلبَ بالحُجَّةِ موسى عليهما السلام؛ لأَنَّه أَبٌ وموسى ابنٌ = وليس للابن أن يلوم أباه. وهذا القول حكاه القرطبي، ولم يُسمِّ قائله. ونقله عنه الحافظ ابن حجر (٣) .
القول الرَّابع: أنه إنما حَجَّه لأَنَّ الذَّنْبَ كان في شَريعةٍ واللوم في شريعة (٤) .
النَّظَرُ الثَّاني: أنَّ لوم موسى لأبيه آدم عليهما السلام كان على مصيبة الإخراج لا على الذنب. وهذا القول نَصَرَه أبو محمد ابن حزم (٥)، واختاره أيضًا ابن تيمية، وابن كثير-رحمهما الله- (٦) . يقول الإمام ابن تيمية - رحمه الله - في بيان ذلك:(الصواب في قصة آدم وموسى - رضي الله عنه -: أن موسى لم يَلُمْ آدم إلا من جهة المصيبة التي أصابته وذريته بما فعل، لا لأجل أن تارك الأمر مذنبٌ عاصٍ)(٧) .
النَّظَر الثالث: تصحيح النَّظَرَين. أي = تصحيح جواز أن يكون لَوْمُ موسى - عليه السلام - على المصيبة. ويمكن أن يكون اللوم متوجهًا على الذنب؛ لكونه سبب المصيبة. وهذا القول ذهب إليه ابن قيم الجوزية. فقد قال -بعد أن ساق جواب شيخ الإسلام-: (وقد يتوجّه جواب آخر؛ وهو: أن الاحتجاج بالقدر على الذنب ينفع في موضع، ويضرّ في موضع. فينفع إذا احتج به بعد وقوعه والتوبة منه، وترك معاودته؛ كما