يوهم ظاهرها أنها مخالفة للعقل؛ ولا تكون متعلقة بالباري، ولا صفاته فيقول:(أحاديث يعارض ظاهرها مقتضى العقل، لا تتعلق بالباري ولا صفاته , ولكنها تتعلق بما أَخبر عنه من المعاني .. فإذا جاء ما ينفي العقل ظاهرُه فلا بُدّ أيضًا من تأويله؛ لأن حمْله على ظاهره , فيكون غير مفهوم والشرع لا يأتي به فلا بُدّ من تأويله)(١) .
ومع ذا؛ فما جَرَى به قَلَمُ ابن العربي في تفسير الكلاليب -كماسبق نقله- بقوله:(فالشهوات موضوعة على جوانبها، فمن اقتحم شهوةً سقط في النّار؛ لأنَّها خَطَاطِيفُها) يمكن حَمْلُه على معنى لا ينتفي به حقيقةً ما دلّ عليه اللفظ , فيكون مراده أنَّ من تقحمّ الشهوات في الدُّنيا , كانت هذه الشهوات سببًا لِتَخطُّفِ كلاليب الصراط له يوم القيامة. وعبارته تساعد على ذلك، مع حمل بعض الباحثين لكلامه على أنه جارٍ مجرى التأويل. والذي دعاني إلى ذلك أمران:
الأوَّل: أن عبارته يمكن أن تحمل على محمل صحيح , وحمله على ذلك أولى.
الثاني: أن ابن العربي قد أثبت الصراط ودقته وحدّته ومرور الخلق عليه (٢) , وهي أمور أبعد في العادة من الكلاليب وتخطفها , فيبعد أن يثبت تلك وينفي حقيقة هذه.
(١) "العواصم من القواصم" (٢٣٠ - ٢٣١) . (٢) المصدر السابق (٢٣٧) .