امتنع قبول التوبة من التائب = خروج الدجال. ويدل على ذلك: ما جاء عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (ثَلاثٌ إذا خَرَجْنَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} الأنعام: ١٥٨: طُلُوعُ الشَّمْسِ من مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأرض)(١) .
قال البغوي - رحمه الله -: (المراد بالناس هنا = الدجال؛ من إطلاق الكل على البعض)(٢) .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - معقّبًا على قول الإمام البغوي:(وهذا - إنْ ثبت - أحسن الأجوبة؛ فيكون من جملة ما تكفل النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيانه. والعلم عند الله تعالى)(٣) .
الموضع الثَّالث: أنَّ القرآن الكريم أشار إلى نزول عيسى - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} النساء: ١٥٩ وفي قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} الزخرف: ٦١ ومن المعلوم أنه قد صحّ خبرُ قتله للدجال، فاكتُفِي بذكر أحد الضدّين (٤)؛ وهو مسيح الهدى عليه السلام: " إذْ من عادة العرب أنها تكتفي بذكر أحد الضدّين عن ذِكر الآخر .. ) (٥) .
وأَيَّا ما كان فسواء سُلِّم بهذا الإلماح في الآيات أم لم يُسلّم؛ يبقى
(١) أخرجه مسلم في: كتاب "الإِيمان"،باب "بيان الزَّمن الَّذي لا يُقبل فيه الإِيمان" (١/ ١٣٨ - رقم [١٥٨]) . (٢) نقله عنه الحافظ ابن حجر -كما سيأتي-،ولم أجد نص قوله في تفسيره، ولا في"شرح السنة"والموجود في تفسيره في معرض كلامه عن هذه الآية =قولُهُ: (وقال قوم: أكبر أي أعظم من خلق الدَّجال) "معالم التنزيل" (١١٤٢) . (٣) "فتح الباري" (١٣/ ١١٤) . (٤) انظر: المصدر السابق. (٥) "النهاية في الفتن والملاحم" (١٩/ ١٩٦ - ١٩٧) .