فقول البراء:(فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فساخت فرسه) دليلٌ بيِّنٌ على ما قرّر من قبل: أن سوْخ فرس سراقة كان من أثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ذلك أن البراء - رضي الله عنه - عبّر بـ "الفاء" المفيدة للتَّسبيب.
وكذلك جاء في رواية أنس بن مالك - رضي الله عنه -: (فالتفت أبو بكر؛ فإذا هو بفارس لقد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارسٌ قد لحق بنا = فالتفت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (اللهم اصرعْهُ)، فصرعه الفرس) (١)
فهذان صحابيان رَوَيا هذه الحادثة بهذا اللفظ؛ مما يدلّ على أنهم فهموا أنّ ما جرى لفرس سراقة كان آيةً، وعَلَمًا من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم -. بل إن سراقة نفسه - رضي الله عنه - تحقّق عنده هذا المعنى، وكان من الجلاء بمكان، فتراه - رضي الله عنه - يصف ذلك بقوله:(ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أنْ سيظْهر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)(٢) ويقول في بيانٍ مُشْرِقٍ مخاطبًا الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (علمتُ أنّ هذا عملك = فادعُ الله يُخلّصني مما أنا فيه)(٣)
أفيكون هؤلاء قد فهموا فهمًا مغلوطًا، ويكون فهْمُ " هيكل " هو الحقيق بالصواب؟!.
يقول الإمام النَّووي - رحمه الله - مبيّنًا الفوائد الملتَمَسة في هذا الحديث:(وفي هذا الحديث فوائد؛ منها: هذه المعجزة الظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -)(٤)
(١) تقدم تخريجه في المطلب الأوَّل. (٢) تقدم تخريجه في المطلب الأوَّل. (٣) تقدم تخريجه في المطلب الأوَّل. (٤) "شرح صحيح مسلم" (١٨/ ١٥٠)