العلمِ على تضمين مسائل توحيد الإلهية الكلام على مسألة شدِّ الرحال إلى المشاهد والقبور (١) .
ثم إن من رأى جواز شدِّ الرِّحال إلى بقعة غير المساجد الثلاثة، كمثل السَّفر إلى المشاهد والقبور =فلا بد أَنّه قد قصد بسفره هذا التَقرُّب، ولا ريب أَنَّ العبادات مبناها على التوقيف، ولا تصحُّ إلَاّ بشرطين اثنين:
الثاني: تجريد المتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ بألاّ نعبد الله إلاّ بما شرعه وبلّغه عن الله تعالى. وهذان الشرطان هما جماع الدّين. قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} الكهف. (٢)
ولهذا نصَّ أهلُ العلم على بيان أن العبادات موقوفةٌ على النصّ ومَوْرِدِهِ، وأنّها مبنيّةٌ على الحظر؛ وعلةُ ذلك هو ما ذكره الطوفي بقوله:(العباداتُ حقّ الشَّرعِ خاصٌ به، ولا يمكن معرفة حقِّه كمًّا، وكيفًا، وزمَانًا، ومكانًا =إلَّا مِن جِهتهِ؛ فيأتي به العبدُ على ما رسَمَ له سيِّدُهُ)(٣) فمن تعبد الله بالسَّفر وشدِّ الرحل إلى بقعة لم تأذن الشَّريعة في
(١) انظر: مثلاً: "الدُّر النضيد" للإمام الشَّوكاني (١/ ٣٨٤ =ضمن الفتح الربَّاني)،و "معارج الألباب" للعلامة حُسين النُّعمي (٢/ ٧٩٠ - ومابعدها) و"تيسير العزيز الحميد"للعلامة سليمان بن عبدالله (١/ ٦٣٥) (٢) العبودية (١٣٧) (٣) "التعيين في شرح الأَربعين" (٢٧٩) و الطوفي (بعد ٦٧٠ - ٧١٧ هـ) هو: سليمان بن عبدالقوي ابن عبدالكريم الطُّوفي الصرصري ثم البغدادي، من علماء الحنابلة، اتهم بالتشيع والانحراف في الاعتقاد، من مصفاته: "شرح مختصر الروضة"، و"شرح الأربعين للنووي"، و"الإِكسير في قواعد التفسير"=انظر: "الذيل على طبقات الحنابلة"لابن رجب الدمشقي (٤/ ٤٠٤)