بإكرامه. وإن شفع فيه لم يجز أيضًا؛ لأنا قد دللنا على إثابة من لا يستحق الثواب قبيح، وأن المُكلّف لا يدخل الجنة تفضُّلًا) (١)
رابعًا: أنَّ القولَ بانقطاع العذاب عن مرتكب الكبيرة بالشفاعة يلزمُ منه التمادي في الذنوب؛ فكان القول بامتناع الشفاعة أزجر عن غشيان المعاصي.
يقول الإباضي أَحمد الخليلي:(من أمعن النَّظَرَ في أَحوالِ النَّاسِ؛ يتبينُ له أنَّ اعتقاد انتهاء عذاب العُصاة إلى أَمَدٍ، وانقلابهم بعده إلى نَعيمٍ = جَرَّأ هذه الأمة - كما جرأ اليهود من قبلُ - على انتهاك حُرَم الدين، والتفصِّي عن قيود الفضيلة، والاسترسال وراء شهوات النفس، واقتحام لُجج أهوائها)(٢)
خامسا: أنه يمتنع القول بجواز الشَّفَاعةِ لأَهلِ الكبائر. ووجه ذلك: أنَّ الأُمَّةَ مُجمعةٌ على حُسن الرَّغبة إلى الله أن يجعلنا من أهل شفاعته - صلى الله عليه وسلم -؛ فلو كانت الشَّفَاعةُ جائزةً للفُسَّاق = لَلَزِم أن يكون الدُّعاء بنيل الشفاعة دعاءً بأن يجعلنا الله من الفُسَّاق!
وفي بيان هذه الشبهة يقول القاضي عبد الجبار:(يقال لهؤلاء المرجئة: أليس أن الأمة اتفقت على قولهم: اللهم اجعلنا من أهل الشفاعة؟! فلو كان الأمر على ما ذكر نحوه = لكان يجب أن يكون هذا الدعاء لأن يجعلهم الله تعالى من الفُسّاق؛ وذلك خلف)(٣)