وزعموا أن كعب بن مالك قال: كنت فيمن خرج من المسلمين فلما رأيت مُثَل المشركين بقتلى المسلمين قمت فتجاوزت، فإذا رجل من المشركين جمع اللأمة تحوية المسلمين ويقول: استوسقوا١ كما تستوسق جرد الغنم، قال: وإذا رجل من المسلمين قائم ينتظره، وعليه لأمته، فمضيت حتى كنت من ورائه، ثم قمت أقدر المسلم والكافر ببصري، فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيئة، قال: فلم أزل أنظرهما حتى التقيا، فضرب المسلم الكافر على حبل عاتقه ضربة بالسيف بلغت وركه وتفرق فرقتين ثم كشف المسلم عن وجهه، فقال: كيف ترى يا كعب أنا أبو دجانة.
فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم أزقَّة المدينة إذا النوح والبكاء في الدور، فقال:"ما هذا"؟ قالوا: هذه نساء الأنصار يبكين قتلاهنّ، قال: وأقبلت امرأة تحمل ابنها وزوجها على بعير قد ربطتهما بحبل ثم ركبت بينهما، وحمل منهم قتلى فدفنوا في مقابر المدينة، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن حملهم، وقال:"واروهم٢ حيث أصيبوا"٣، وقال رسول الله حين سمع البكاء:"لكن حمزة لا بواكي له "، واستغفر له، فسمع ذلك سعد بن معاذ وسعد بن
١ استوسقوا: أي استجمعوا وانضموا. النهاية ٥/١٨٥. ٢ واروهم: أي ادفنوهم، وارى الميت: دفنه. لسان العرب ١/ ٩٩٤. ٣ يشهد له ما رواه الإمام أحمد في المسند ٢٢/ ٢٠٨ رقم [١٤٣٠٥] الأرناؤوط، وعبد الرزاق في المصنف ٥/ ٢٧٨، والحميدي ٢/ ٥٤٤، وابن أبي شيبة ٥/ ٣٢١، وأبو داود ٣/ ٢٠٢ رقم (٣١٦٥) ، والنسائي ٤/ ٧٩، والترمذي ٥/ ٢٧٩ مع التحفة.