أسمع عمر بن عبد العزيز (١) في مرضه يقول: اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعة. قالت: قلت له: ألا أخرج عنك؛ فإنك لم تنم. فخرجت، فجعلت أسمعه يقول:{تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣]، مرارًا ثم أطرق، فلبث طويلاً لا يُسمع له حس، فقلت لوصيف: ويحك انظر. فلما دخل صاح فدخلت فوجدته ميتًا قد أقبل بوجهه على القبلة، ووضع إحدى يديه على فيه والأخرى على عينيه (٢).
* * *
(١) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم: الإمام الحافظ العلامة الزاهد العابد أبو حفص القرشي الخليفة، أم بأنس بن مالك - رضي الله عنه - فقال: ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الفتى. قال ابن سعد: أمه هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، عن أبي قبيل: أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير، فأرسلت إليه أمه قالت: ما يبكيك؟ قال: ذكر الموت. قال: وكان يومئذ قد جمع القرآن، فبكت أمه حين بلغها ذلك ... ما زالوا به حتى سقوه السم، فحصلت له الشهادة والسعادة سنة إحدى ومئة، وله تسع وثلاثون سنة ونصف. [السير للذهبي ٥/ ١١٤ - ١٤٨]. (٢) سير أعلام الذهبي (٥/ ١٤١).