المخلوقاتِ، فكما أنّ العينَ مدركةٌ بالقوةِ فإذا وجدَ النورُ الحسيُّ يخرجُ إدراكَها إلى الفعلِ، فكذا القلبُ، أي: النفسُ الإنسانيةُ مع هذا النورِ العقليِّ)).
وقولهُ:((يبتدأ بهِ)) فابتدَاءُ إدراك الحواسِ ارتسامُ المحسوسِ في الحاسةِ الظاهرةِ، ونهايةُ (١) ارتسامهِ في الحواسِ الباطنةِ (٢)، وهيَ خمسٌ.
زعم الحكماءُ أنّ الدماغَ ثلاثُ طبقاتٍ:
الأولى: قسمانِ: مقدمهما الذي في الناصيةِ الحسُ المشتركُ، والثاني: خزانةُ الخيالِ.
الطبقةُ الثانيةُ: المفكرةُ.
الثالثةُ: قسمانِ: أولهُما: الواهمةُ، ثانيهما: الحافظة، وهي (٣) القسمُ الأخيرُ المقابلُ للحسِ المشتركِ؛ فالحسُ المشتركُ: قوةٌ تُدرِكُ صورَ المحسوساتِ بأسرِها تتأدَى إليها منْ طرقِ الحواسِ الظاهرةِ، فتشتركُ فيها الحواسُّ الظاهرةُ والباطنةُ (٤)، والخيالُ: قوةٌ تحفظُ تلكَ الصورَ المؤداةَ /١٩٤ب/ إليها، من الحسِ المشتركِ بعد غيبتها عنهُ (٥)، والواهمةُ: قوةٌ تُدرِكُ المعانيَ الجزئيةَ الموجودةَ في الأمورِ المحسوسةِ، منْ غيرِ أنْ تتأدَى إليها منْ طرقِ الحواسِ، وبها تُدرِكُ الحيواناتُ مضارَها ومنافعَها، كعداوةِ الذئبِ ونحوِها.
والحافظةُ: قوةٌ تحفظُ ما يُدرِكهُ الوهمُ (٦). والمتصرفةُ: هي التي تُحلِّلُ
(١) في (ف): ((ونهايته)). (٢) في (ف): ((الباطنية)). (٣) في (ب): ((وهم)). (٤) انظر: التعريفات للجرجاني: ٨٦. (٥) انظر: التعريفات للجرجاني: ١٠٢. (٦) انظر: التعريفات للجرجاني: ٨١.