وقال: وفي الحديث المأثور: «ما عظمت نعمة الله على أحد إلّا عظمت مؤونة الناس عليه» .
قال: وقيل لمزبّد: أيسرّك أن عندك قنّينة شراب؟ قال: يا ابن أمّ، من يسرّه دخول النار بالمجاز؟! قال: وقدّموا إلى أبي الحارث جمّيز جام خبيص [١] وقالوا له: أهذا أطيب أم الفالوذج [٢] ؟ قال: لا أقضي على غائب! قال: وقال مدينيّ لرجل: أيسرّك أن هذه الدار لك؟ قال: نعم. قال: وليس إلا نعم فقط؟ قال: فما أقول؟ قال: تقول: نعم، وأحمّ [٣] سنة! قال: نعم، وأنا أعور.
قال [٤] : وقيل لمزبّد: أيسرّك أن هذه الجبّة لك؟ قال: نعم، وأضرب عشرين سوطا. قال: ولم تقول هذا؟ قال: لأنه لا يكون شيء إلا بشيء.
قال [٥] : وقال عبد الرحمن بن أبي بكرة: من تمنّى طول العمر فليوطّن نفسه على المصائب.
يقول: إنه لا يخلو من موت أخ، أو عمّ، أو ابن عمّ، أو صديق، أو حميم وقال المجنون [٦] : [من الطويل]
أيا حرجات الحيّ حيث تحمّلوا ... بذي سلم لاجادكنّ ربيع [٧]
وخيماتك اللاتي بمنعرج اللّوى ... بلين بلى لم تبلهنّ ربوع
فقدتك من قلب شعاع، فطالما ... نهيتك عن هذا وأنت جميع [٨]
فقرّبت لي غير القريب، وأشرفت ... مناك ثنايا ما لهنّ طلوع
[١] الجام: إناء من فضة. الخبيص: حلوى تصنع من التمر والسمن. [٢] الفالوذج: حلوى تصنع من الدقيق والماء والعسل. [٣] أحمّ: أصابته الحمى. [٤] الخبر في عيون الأخبار ١/٢٦٣، وهو برواية مختلفة في محاضرات الأدباء ١/٢١٨ (٢/٢٥٧) . [٥] الخبر في ربيع الأبرار ٣/١٠٢. [٦] الأبيات لمجنون ليلى في ديوانه ١٩٠، ١٩٢، ولقيس بن ذريح في ديوانه ١١٤- ١١٥، ولجميل ابن معمر في ديوانه ١٢٢. [٧] الحرجات: جمع حرجة؛ وهي الشجرة بين الأشجار لا تصل إليها الآكلة. ذو سلم: اسم موضع. [٨] قلب شعاع: متفرق موزع.